اليوم الوطني للمملكة ليس مجرد ذكرى تسكن قلوب أبناء هذا الوطن الحبيب.. بل هو ملحمة تاريخية اكتست بنور البطولات والانتصارات.. والأمجاد .. وانبثقت عنه أضواء باهرة ومتلألئة في كل المجالات والأصعدة الاقتصادية .. والاجتماعية .. والفكرية .. والثقافية والتنموية.
لقد استطاع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود طيب الله ثراه وبثاقب فكره وحنكته السياسية ونقاء سريرته وصدق عزيمته أن يوحد أرجاء هذه البلاد في كيان واحد جعل شعاره راية التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ومن هذا المنطلق تألفت قلوب الشعب السعودي وتوحدت صفوفه وأصبح هذا الشعب قوة متلاحمة متماسكة في مستوى التحديات.. وسار من بعده أبناؤه البررة يرفعون ألوية (المجد) في كل جانب.
في ذلك اليوم الخالد من عام (1351) هـ انتقلت الجزيرة العربية إلى النور والأمل والأمان.. فارتحل (الضعف) و (الخوف) يجران أذيالهما وحل مكانهما (الأمن) و (القوة) وتحولت البلاد بكل مساحاتها المترامية من الركود إلى النشاط، ومن الفتنة إلى الألفة.. ومن النزعات العصبية والفوضى إلى الإيمان .. ومن الفاقة إلى اليسر.. ومن الاستغراق في السبات إلى الأخذ بأسباب الحياة والتقدم.
الملك عبدالعزيز هذا البطل المغوار (رحمه الله) ابن الصحراء الذي استمد قوته من شمسها وبردها.. وتعلم على ايدي العلماء وأهل الدين والفقه فاستطاع أن يقتحم جميع المجالات ويسير بهذه البلاد إلى مصاف الدول الواثبة نحو آفاق المستقبل الواعد بكل خير.. وكان التوجه الأساسي لديه ومن بعده أبناؤه البررة هو انتهاج التعليم منطلقا لغاية نبيلة وهي الارتقاء بهذا الوطن بشراً وأرضاً.
في ظل هذه الوثبات التي حققتها المملكة في كل الأصعدة وفي مختلف المجالات كانت أيادي الخير ممدودة في كل منطقة من مناطق العالم حيث إن المملكة ومنذ إنشائها أولت اهتمامها البالغ بقضايا المجتمعات الفقيرة والعمل في رسم خططها الإنسانية لتقديم عونها في سائر الاتجاهات لاسيما وأنها بتلك الدوافع النبيلة تعمل للقضاء على الجوع والجهل والمرض.
المملكة لم تقف عند حدود تلك المساعدات بل استجابت لنداء مؤتمر القمة الإسلامي السادس الذي انعقد في عام 1992م بإعلانها إلغاء (6) مليارات دولار من المديونية المستحقة لها على عدد من الدول النامية ناهيك عن تلك المساعدات التي انهمرت من منظماتها الشعبية وروت أراضي وسهولاً كانت تعاني كثيراً من القحط والجدب .. كما أنه ومن خلال المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية التي أسهمت في إنشائها وتحملت قسطاً وفيراً من أعبائها سعت إلى توفير المساعدات المالية والتنمية الميسرة والمنح غير المستردة للعديد من الدول.
هيئة الاغاثة الإسلامية العالمية التي تمثل نهراً من أنهار الخير بالمملكة ساهمت بدور فعال في تنمية الكثير من المجتمعات الفقيرة ونشرت أشرعتها لتجوب أصقاعاً نائية ومترامية وزعت خلالها خيرات هذه البلاد الطاهرة.
والهيئة أيضا لها مساهمات فعالة وحيوية في تنمية المجتمع السعودي والأخذ بيده نحو مرافئ التطور والرقي حيث صرفت لهذه الغاية النبيلة داخل المملكة مبلغ (544 ،876 ،12) ريالاً استفاد منه (652 ،4) يتيماً ويتيمة بمبلغ (285 ،987 ،3) ريالاً و (812 ،16) طالبا وطالبة بمبلغ (520 ،929) ريالاً.
بالإضافة إلى مبلغ (815 ،620 ،2) ريالاً في مجال البرامج الموسمية.. مثل مشروع إفطار صائم ومشروع الأضاحي واستفاد منها (464 ،148) فرداً و (450 ،109 ،1) ريالاً في مجال الخدمات الصحية واستفاد منها (500 ،21) فرد وقدمت الهيئة في اطار مساعداتها الداخلية للأسر المستورة (740 ،711 ،3) ريالاً استفاد منها (964 ،2) أسرة وفي مجال المساعدات العينية ما قيمته (734 ،517) ريالاً استفاد منها (630 ،6) فرداً.
ان اليوم الوطني للمملكة هو يوم عظيم يعكس قوة التلاحم بين القيادة والشعب.. ويؤكد أهمية الأمن والاستقرار في دعم مسيرة التنمية الحضارية فهو يوم الوطن الشامخ بشموخ البناء لا سيما وأن مثل هذا (الوطن) وفي مثل هذه الظروف يحتاج لتضافر جهود شعبه وابنائه حتى تتحقق آماله..وتطلعاته في سبيل بناء مجتمع يستمد قوته وعزيمته من وحدته وتمسكه بدينه الإسلامي الحنيف.
(*)الأمين العام لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية بالمملكة العربية السعودية
|