دارت الأيام دورتها.. وانقطع الوصال بيني وبين العزيزة.. وصادفتني بعض الوجوه البشرية.. والتي تسأل عن سبب هذا الوجوم.. أحيانا تغلفها الحيرة.. وتخفي القشور فيها الكثير من ضآلة السؤال.. وأحيانا تفوح منها مصداقية السؤال.. خوفا من سوء الحال!! وهؤلاء لهم منا الشكر والتقدير.. ونحن الكتَّاب ويالضآلة احرفنا وهمسنا نسبة لغيرنا من كبار الكتَّاب نلمح همس اشتياق القراء.. ونبض قلوبهم الصادق ونلمح أعيناً تمارس الجمود عبر أعين تحترف الكذب دون ان يرفّ لها جفن حول مدادنا.. وبغض النظر عن نظرات الطرفين ورأيهم في مدادنا والله انا لنحسُّ بقصورنا تجاه الحرف والكلمة.. ولكن ولكل من سأل أقول: مازلت.. اعزف على أوتار قلبي بنود اتفاقية الود مع العزيزة.. ولعلي ذات ليلة هادئة استجدي مقطوعة احببت ان اعزفها ولا تلوموني ف:
الاستجداء لا يعني الفاقة.. ولكنه وسيلة لسد الرمق
ونحن نقولها بصفاقة.. اعطونا يا اكرم من خلق
عموما كانت مقطوعتي في تلك الليلة هي «أحلام العزيزة» والتي قلت فيها «أنا لن أكف عن الكتابة» علَّ رسائلي ومقالاتي تعبق بعطر الجزيرة.. وتتحول إلى سحب تمنح الدفء لقلبي.. حقيقة طريقي بعون الله وتوفيقه مديد.. وصمتي عبر الإجازة عميق «نفسي حالمة» هادئة.. ثائرة حيناً آخر.. وكأن بالعزيزة تطبع على جبيني قبلة الوداع.. خفت ان تغير الحقيقة جلدها السابق.. خفت ان أتأثر من معطيات هذا الزمن وهذا الانقطاع ولكن.. هأنذا وكما تقرؤون اعدو على سطور الكلمة.. ولأكتب كلمة وفي زمن آخر.. وبعد هجران طويل لهذه الصفحات الرائعة ولكن لعلها كلمات تتدفَّق من ينبوع الفرح.. لعناق صفحات مثيرة كصفحات العزيزة.. لقد وقفت كثيراً.. أقرأ في عيون من حولي وأسأل: كما يسألونني عن حرفي.. قراءاتي.. كتاباتي.. مطالعاتي.. تلك الأشياء عودتني.. ان أكون محلقاً في سماء العزيزة.. علمتني بأن الحب يبدأ مع العزيزة وقرائها وينتهي بهاولها!! ومهما عصفت بي رياح عاتية إلا اني سأبقي شامخاً وسأكتب وأكتب بمشيئة الله.. ومهما عشت في سرمدة مدينتي المذنب.. وفي ليل الذكرى إلا اني سأكتب مستجدياً «أحلام العزيزة» وأي ليل في محيَّاه اكتويت وأنا بعيد عن هذه الصفحات.. آه.. في بعدي عن «العزيزة» تألّق السهر في عيوني.. وطاف شهر بعد شهر.. حتى بسطت مائدتي على الورق وماذا اكتب.. عندها تذكرت أمسيات جميلة مع العزيزة.. أمسيات ناطقة بألف قبلة وقبلة لذكرياتي مع العزيزة.. حتى خلت نفسي عاجزا عن الكلام.. حتى كوّنت من أحرفي وكلماتي بناء عالياً شيدته بأناملي وكتبت عليه «أحلام الجزيرة».
وقبل الختام: لي بوح لكتَّاب العزيزة اشكرهم فيه على سيل ابداعهم الجارف.. إلا اني أرجو من البعض الآخر منهم ألا يمتد بهم نفس الموضوع الواحد المكرر تعقيباً وتعليقاً.. والذي ألحظه يثير ثائرة بعض الكتَّاب حول موضوعات.. أشُبعت بحثا ومداولة.. هذا رجاء.. ولكم بعمر مديد ولحرفكم مع نبض جديد ومفيد البقاء إن شاء الله في هذه الصفحات والتي ما فتئت تتلَقَّفُ الأقلام الواعدة وتحتفل بولادتها أقلاما شامخة ولدت في العزيزة.. وتربعت على أعمدة الجزيرة.
ولكم ولرئيس تحرير الجزيرة الأستاذ خالد المالك (ولدينمو) هذه الصفحات عبدالله الكثيري كل المحبة والتقدير.
سليمان بن ناصر العقيلي /معلم بمتوسطة صقلية المذنب
|