تعقيباً على رئيس التحرير
بل أزيلوا هذه المباني الطينية!!

في مشهد ثقافي ممتع، وليلة من ليالي الرياض التي لا تنسى أقامت الجمعية السعودية لعلوم العمران محاضرة ثقافية صحفية للأستاذ خالد بن حمد المالك كان عنوانها «إطلالة صحفية على المدينة السعودية عن بعد» وبدون شك فقد كانت محاضرة مميزة، في موضوعها ولكون المتحدث صاحب موقع مميز في الصحافة السعودية.
وعلى كل حال لم أكتب هذه الكلمات من أجل الإشادة بالأستاذ خالد المالك فشهادتي فيه مجروحة بل قد تكون غير مقبولة، لكن حسبي أن أشير إلى بعض الموضوعات المهمة التي أشار لها في حديثه وأرى أنها مهمة، ثم أعقب ذلك بوجهة نظر تم النقاش بها في تلك المحاضرة، وأرجو أن أكون قد وفقت للصواب وهذا ما أتمناه وآمله.
فقد تحدث المالك عن جوانب عديدة مهمة:
(1) تفعيل دور الصحافة في الاهتمام بالمدينة السعودية من كل الجوانب التنموية مع الاهتمام بالسكان.
(2) اعجبني حديثه عن المدينة المفضلة «مكة المكرمة» وعن المهندس لبنائها سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام.
(3) كان المالك وطنياً مخلصاً في حديثه عن الأحياء العشوائية وعن واجهات المحلات التجارية التي أصبح بعضها يؤدي دوراً سلبياً في صورة البلد.
(4) كما لم يخل حديثه من شيء من الصرامة وعلى حد تعبيره «نقد الذات لا جلدها» حين تكلم عن عبث شركات الصيانة بطرقنا وأنه في الأعم الأغلب لا تترك شركات الصيانة هذه الطرق إلا بوضع كانت في السابق عليه أفضل مع كل أسف، وأبدى المالك استغرابه من عدم وجود موظف مختص يتحدث العربية في بعض الأحيان في مثل هذه المشاريع في الميدان مما يجعل أهل الحي الذين هم أدرى بحيهم غير قادرين على إيصال ما لديهم.والمهم ان المالك تحدث كثيرا بكلام أرجو ان تنشره الجريدة مع المداخلات حتى تكون الفائدة أعم وأكبر.والآن انتقل إلى موضوع أدعو فيه إلى النقاش والحوار لأنه من الأهمية بمكان ويبحث كثيراً عند عدة أوساط في بلدنا مثل المعنيين بالعمران والمعنيين بالتراث ورجالات الصحافة، وقد كان لحديث المالك في هذه المحاضرة دوره في تشجيعي للكتابة.
(5) كما لم يفوت خالد المالك فرصة الحديث عن معشوقة الجميع مدينة الرياض عروس المدائن كما سماها وأثنى كثيراً على التقدم العمراني بها، وأبدى حزنه على زوال كثير من معالمها القديمة، وكان لابد من وقفة من المحاضر على معماري الرياض الأول صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وأشار المالك إلى ان الرياض بل كل الوطن يحتفل بمرور خمسين عاما على توليه مقاليد الأمور في الرياض عشقه الأكبر.تحدث الأستاذ خالد المالك في محاضرته أن مشاهد التقدم العمراني المؤسفة قد قامت على إزالة بعض المباني الطينية التي لها دلالات تاريخية وحضور وجداني في نفوس من عاشوا في تلك المباني وهذا ما شكل لدي سؤالاً عريضاً أرجو أن أجد له إجابة شافية، وهو اننا نجد الكثير من الناس يكثرون من التباكي غير المبرر على الماضي واطلاله وعلى بيوت الطين وكأنها هي التي صنعت مجدنا الماضي وكأنها هي المولد للحضارة وكأنها وكأنها!!!؟؟؟ بل ان الأستاذ المالك من حماسته تحدث للحضور انه تحدث في هذا الصدد مع الأمير خالد الفيصل عند زيارته في الصيف المنصرم عن مشاهدته في ابها لزوال بعض المنازل الأثرية وتمنى المحافظة عليها.كنت أتمنى من المحاضر الكريم وهو رجل الصحافة ويعرف استخدام الألفاظ بدقة أكثر ان يفرق لنا على أقل تقدير بين المباني الطينية التي تملأ الكثير من أراضي الوطن، وبين المباني الطينية التي لها حضور في وجدان المواطن السعودي أما ان كل مبنى طيني يجب ان نحافظ عليه لأنه من رائحة الماضي فهو كلام فيه نظر، قد يقول البعض انني أبالغ في هذا الكلام، والصحيح ان ليس في الأمر أي مبالغة بل شاهدت ما يدعو للاستغراب فمن خلال جولات في بعض القرى في نجد أجد شيئاً يدعو للاستغراب من حرص البعض على عدم مساس قرى بائدة بأكملها وكأنه نزل فيها نص قرآني أو حديث نبوي بعدم مساسها، مع ان بعضها منازل كأي منازل سكنها أقوام وانتقلوا منها.
كل الذي أريده ان يبقى المشهد الطيني حاضراً لكن بقدر من المعقولية التي تخدم السياحة وتعيدنا للماضي ومشهداً جميلاً لجيل قادم متعطش.
وفي ختام تعقيبي هذا أشكر الأستاذ خالد المالك، والشكر لا يزال موصولاً للجمعية السعودية لعلوم العمران ورئيس مجلس إدارتها النشط الدكتور الخضيري وشكر خاص لأخي الكبير الأستاذ الفاضل محمد بن ناصر أبوحمراء رفيقي في الاستمتاع بهذه المحاضرة القيمة.