ظهر العديد من الأصوات المحلية، بعد أحداث العنف والارهاب التي طوقت العالم، تدعو الى نبذ العنف واستبداله بالحوار والتعايش مع الآخر والانفتاح عليه ثقافيا وفكرياً، لأن لغة الالغاء والاقصاء ولدت هذه الهجمة العنيفة التي ما برحت تطوق العالم كما يقولون.
والسؤال الآن قبل قبول الآخر والاعتراف به والانفتاح على حضارته، هل هناك ما يسمى بالآخر في الوجدان واللاوعي الجمعي لدينا؟؟؟
والسؤال السابق يحتاج الى ان نضع عدداً من الخطوط تحته، فهذا الآخر الذي يستبشر البعض به ويحاول أن يتعايش وإياه ويطلع على آدابه وثقافاته، ليس موجوداً في أذهان الكثيرين، حيث ينشق العالم بحدة الى قسمين الأخيار والقسم الآخر الأشرار، ويكون من مهمة الأخيار هو اعادة الأشرار الى جادة الصواب، وجعلهم يقلعون عن غيهم الذي كانوا فيه، تلك الشوفينية الفكرية ترسخت، مع استيرادنا للمنتج الحضاري للأشرار بمعزل عن الوعاء الفكري الذي أنتج هذا التطور التقني وبالتالي وظف هذا المنتج لترويج برتوكولات الأخيار ومحاربة الأشرار وتفجيرهم وتدميرهم.
إذا تلك الأصوات المتفائلة تتعامل مع الواقع بشكل ناءٍ وبعيد، فمهما كان هناك العديد من النوايا الحسنة لتصعيد لغة الحوار والتعايش بين الشعوب، إلا ان هناك أيضا قائمة طويلة من التهم جاهزة لرجم أي من يحاول ان يصنع طاقة صغيرة على العالم بجميع نتاجه الفكري والثقافي والروحي. هذه القائمة تتضمن دعاوى التغريب، وجميع ما نلمحه متداولاً على المستوى الاعلامي على استحياء، وبين العامة بشكل واضح وحاد.
إن التعايش والانفتاح على العالم واحترام منتجه الفكري «تهمة» من الممكن ان تترصد بجميع من يحاول ان يأخذ هذا التوجه والمنحى، فالقضيةهنا تتقولب كحكاية جار ظللنا بمنأى عنه لسنين طويلة، وظللنا نرسخ ثقافة الرفض والاقصاء لهذا الجار حتى باتت احدى مكونات تراثنا الفكري والثقافي، وفجأة نطلب من الجميع أن يتوقفوا عن هذا، ليبدؤوا في التقرب الى ذلك الجار والتعايش وإياه، القضية قبل أن ننفتح على الآخر ونطل على منتجه، هل هو موجود في أبجدياتنا، أم العالم يحوينا نحن فقط، ومجموعة من الأشرار غيرنا.
|