متى ينفضُّ الجَّمع
والموائد ممتدَّة... وثمَّة ذبيحة كبيرة لم تمتد إليها الأيدي؟
بعضهم بدأ يتململ في جلسته...
وآخرون ألقوا بالمناديل المعطرة جانب الأطباق بعد أن طهَّروا أيديهم من بقايا الأكل وابتعدوا عن الطَّاولات الممتدَّة...
آخرون وقفوا يتهامسون وعيونهم تعبُر بالمكان... تتفقَّد تفاصيله؟
ثمَّة من لا يزال يجلس على المقاعد لكنَّه مشغول بالحديث الجانبي مع سواه...
والعاملون كالنَّحل انكبوا على الموائد يرفعون عنها كلَّ طبق وملعقة وشوكة وسكين...
الذَّبيحة الكبيرة لا تزال تتصدَّر المائدة الأكبر...
لم تلمسها شوكة ولا سكين...
بل لم تلمسها أصابع أيٍّ من الجَّمع الذي تحلَّق حول الطَّاولات وما لبث أن غادرها.
سرُّ الذَّبيحة الكبرى التي لم تنل من نصيبها سوى الذَّبح، والطَّبخ!!... وتصدُّر الموائد...، وافتراش أوسع مكان وأكبره منها...، لم يُعرف بعد!
الجَّمع بدأ «يُحلِّي»!!
أطباق الكعك، والفواكه، وأوعية العصير، وكاسات الماء المثلَّج تتلاقفها الأيدي...
عبير العطور والبخور يعبق في الأنحاء...
والعاملون أبعدوا كلَّ شيء إلاَّ الذَّبيحة الكبيرة التي بقيت...
لم يتذوَّقها فم، ولم تعث فيها سكين...
ضحكات الجَّمع تعالت
كلمات التَّوديع تناثرت
الأذان التقطت آخر مشهد في الدَّعوة...
والذَّبيحة لا تزال في مكانها...
ثمَّة من التفت يرمقها....!!!
زمَّم شفتيه...
أطلق آهة...
ثمَّ أدلف وعلى لسانه سؤال: متى يرفع العرب ذبيحتهم؟ وكيف؟؟!
|