المرأة الخليجية بشكل عام صاحبة وضع ثقافي متميز وخاص وذلك يعود إلى الفكر الاجتماعي السائد في منطقة الخليج والمرتبط دوما بالتقاليد والسلوكيات الدينية الاسلامية... ورغم هذا التميُّز إلا أنها لا تختلف في واقعها الثقافي عن مثيلاتها العربيات، كمحيط واحد (جغرافي وتاريخي وثقافي وديني ولغوي...).
وان كانت المرأة العربية سبقتها في النهوض الثقافي الحديث ببعض العقود إلا أن الطفرة والظروف التي تهيأت للمرأة الخليجية قد عوضا ذلك وصارا متماثلين.
ومن ينظر إلى الواقع الثقافي للمرأة الخليجية منذ ثلاثة عقود يؤكد على التطور الذي حدث، شكلاً ومضموناً شكلاً من حيث تعليم المرأة ومساهمتها في العمل الإعلامي والصحفي والفني والثقافي والأدبي والفكري.. ومضموناً من حيث بروز المرأة الخليجية واسهامها الجدي والفعّال في كل مجالات الحياة العلمية والعملية والثقافية.
وان كان البعض يرى ان اسهام المرأة الخليجية في الساحة الثقافية يبدو ضعيفاً وان اهتمامها بالثقافة مقارنة باشياء أخرى يبدو محدوداً فهذا قول من لايتعمق في فهم طبيعة ووضعية المرأة الخليجية التي تتعاطى الثقافة وتسهم فيها في حركة اجتماعية محدودة، ولذلك يبدو لمن يراها للمرة الأولى، أو لمن لايفهم ديناميكية الفكر والسلوك الاجتماعي الخليجي، ان صوتها الثقافي ضعيف.. وهناك أسماء عديدة لمبدعات خليجيات في شتى مجالات الابداع الثقافي، ومازالت المبدعة الخليجية تواجه بعض القيود التي تحد من انطلاقها نتيجة القصور في الوعي العام أو القصور في الفهم الخاص لطبيعة الابداع ودوره وأهميته.
فلابد من الجزم بأهمية دور المرأة الخليجية الثقافي والتأكيد على تجاوبها وتناولها وفهمها، للعملية الإبداعية، والوعي بالتنمية الثقافية بجوار التنمية الاقتصادية، كجزء من التنمية الحضارية والنهضوية المعاصرة (مع المحافظة دائما على خصوصياتنا والالتزام بمرجعيتنا الدينية وعدم تجاوز ما أقره الشرع الاسلامي الحنيف).
وان كانت المناهج التعليمية هي المكون الأول والأبرز للبنية التحتية الثقافية للانسان والداعم الأساسي لتنمية قدراته الابداعية فإن الحقيقة ان هناك قصوراً ما في المناهج التعليمية الخليجية، من حيث افتقادها إلى الجانب الثقافي المثمر والواقعي والمنتمي للابداع... وهذا يعود بالدرجة الأولى لتأثر المناهج التعليمية الخليجية. بمثيلاتها من المناهج التعليمية في المنطقة العربية.. أي أنه وضع عربي عام لا تُلام فيه المرأة الخليجية وحدها بل له آثاره وانعكاساته السلبية على سائر المنطقة العربية (رجالاً ونساء).
ورغم القصور في المناهج التعليمية فإن المرأة الخليجية قد استعاضت عن ذلك بالتفوق في استخدام التقنيات الحديثة مثل (الانترنت والفضائيات وغيرهما..) وما ينتج عنهما من فعاليات ثقافية وخبراتية مختلفة لزيادة رصيدها الثقافي، فأصبح العالم كتاباً بين يديها تتصفحه وتتابع مايجد على الساحة الاعلامية والثقافية العربية والعالمية أولاً بأول فانعكس ذلك ايجابياً عليها في زيادة العمق الثقافي لديها ودمجه بالسلوكيات الحياتية اليومية المعاصرة الذي بدوره يثري الوعي العام الفردي والجماعي للمجتمع الخليجي عامة والمبدعة الخليجية خاصة.
ووسط هذا الزخم وهذا الكم الثقافي الذي زاد بفعل التقنيات الحديثة فإنه يجب توسيع مشاركة المرأة الخليجية في الأنشطة الثقافية وتفعيل دورها في العمل الثقافي الخليجي المشترك وان تحظى بمزيد من الدعم والتشجيع من المؤسسات الثقافية المختلفة، مثل مؤسسات الدور الصحفية والجمعيات الثقافية والأدبية والأنشطة الاعلامية والندوات واللقاءات الفكرية، وكذلك جدية التوجه والدعم الايجابي من جهة المسؤولين لدور المرأة عامة والمبدعة خاصة وإتاحة المزيد من الفرص والمجالات أمامها باعطائها المكانة والتقدير اللذين تستحقهما... وكذلك وهو الأهم تغيير النظرة العامة فيما يخص مشاركات المرأة من قبل بعض الافراد والفئات في المجتمع الذين مازالت لديهم نظرة قاصرة سلبية وسطحية، اتجاه المرأة ودورها بشكل عام، وللمبدعة بشكل خاص.
* عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
فاكس 6066701 ص.ب 4584 جدة 21421
|