Monday 29th september,2003 11323العدد الأثنين 3 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بين التشدد والتيسير بين التشدد والتيسير
علي بن شايع النفيسة/مدير التوجيه والتوعية بوزارة الداخلية

هذان منهجان يمثلان طرفي نقيض ولكل منهما وجهة نظر يؤمن بها معتقداً أنها الصواب لا محالة مخطئاً الرأي الآخر وناقداً له بل ربما ناقماً عليه حيث يرى أصحاب المنهج الأول «التشدد» أنه الأحوط والأبرأ للذمة مستدلين بمنهج بعض الصحابة والسلف الصالح في الأخذ بالأحوط بل وتـــرك بعض الحلال مخافة الوقوع في الحرام كما أثر عن بعضهم قوله «تركنا تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام». ومســـتدلين بوجود البون الشاسع بين قدر أعمالنا الصالحة وبين أعمال الصحابة رضـــوان الله عليهم والســــلف الصالح كيف لا ونحن نقرأ في سيرهم أن أحدهم كان يختم القرآن في ثلاث ليالٍ والآخر يصلـــي ثلاثمائــــة ركعـة في ليلة وقبل هذا وذاك أبوبكر الصديق في قصته المشهورة مع غلامه الذي تكهن وأحضر لإبي بكر طعاماً أُجرة لكهانته فأكل منه لقمة ثم علم بمصدر الطعام فاستقاء جميع ما في جوفه لإخراج تلك اللقمة. والحوادث في ورع الصحابة والسلف الصالح وأخذهم بالأحوط أكثر من أن تحصى. وفي المقابل يرى أصحاب المنهج الآخر «التيسير» أن هذا هو نهج الاسلام في الجملة فقد قال تعالى: {يٍرٌيدٍ الله بٌكٍمٍ اليٍسًرّ وّلا يٍرٌيدٍ بٌكٍمٍ العٍسًرّ} [البقرة: 185] وذلك في ختام آيات الصيام. ويقول في آيات محـــرمات النكاح: {(مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)} [المائدة: 6]. ويقول تعالى: {يٍرٌيدٍ اللّهٍ أّن يٍخّفٌَفّ عّنكٍمً وّخٍلٌقّ الإنسّانٍ ضّعٌيفْا} [النساء: 28] وفي آيات القصاص يقول: {ذّلٌكّ تّخًفٌيفِ مٌَن رَّبٌَكٍمً وّرّحًمّةِ} [البقرة: 178]. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا» من حديث أنس في الصحيحين. ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً وأبى موسى الأشعري رضى الله عنهما قال لهما «يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا». إذاً النصوص الصريحة الصحيحة مع التيسير فأن النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فاذا كان إثماً كان أبعد الناس عنه. بل ان التوجيهات النبوية تنهي عن التشدد والإثقال على الناس فحينما أطال معاذ رضي الله عنه في القراءة في الصلاة بسورة البقرة قال له النبي صلى الله عليه وسـلم «أفتان أنت يا معاذ أفتان أنت يا معاذ» منكراً عليه. كذلك لما أطال أبي بن كعب الصلاة فشكا منه بعض الصحابة قال النبي صلى الله عليه وسلم «إن منكم منفرين إن منكم منفرين» وغضب غضبة لم يغضب مثلها. والناس اليوم في ضعف إيماني إلا من رحم الله بل تستطيع ان تقول ان حالة كثير من الناس التعبدية تمر بحالة من الوعكة الشديدة التي تحتاج الى برنامج علاجي يفتتح بالمسكنات والملين حتى ينكسر حاجز الوحشة وتدب في العروق روح الإيمان، وحب العبادة. وصلى الله وسلم على من جاء وبعث ليضع عن الناس إصرهم والاغلال التي كانت عليهم.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved