* الرياض - محمد العيدروس:
أكد الدكتور صالح بن حمد التويجري نائب رئيس جمعية الهلال الأحمر السعودي رئيس اللجنة المنظمة لمؤتمر حقوق الانسان في السلم والحرب والمقرر انعقاده بمدينة الرياض في أكتوبر المقبل ان دعم ورعاية حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - للمؤتمر تدعو للتفاؤل بالخروج برؤية مشتركة لحماية حقوق الانسان ضد أية انتهاكات قد تتعرض لها لأسباب سياسية أو في ظل الصراعات العسكرية المسلحة، مشيرا الى حاجة العالم لمثل هذه الرؤية في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى، حتى لا يكون تباين وجهات النظر بشأن حقوق الانسان فرصة لتسييسها أو المتاجرة بها وتفريغها من محتواها الانساني.
وأضاف الدكتور التويجري في هذا الحوار: إن اقامة المؤتمر بالمملكة من شأنه أن يعطي لقراراته وتوصياته قوة دفع كبيرة على المستويين الاقليمي والدولي ودول العالم الاسلامي نظرا للمكانة الكبيرة التي تتمتع بها المملكة وعلاقاتها الجيدة مع معظم دول العالم ودورها الرائد في تقديم الدعم الاغاثي والانساني لكل ما يحتاجه في أي مكان في العالم، بالاضافة الى تواجدها الفاعل في جميع الفعاليات الدولية المعنية بقضايا حقوق الانسان.. وفيما يلي وقائع الحوار:
* بداية نسأل عن توقيت انعقاد المؤتمر وهل ترونه مناسبا في ظل ما تشهده المنطقة العربية من غليان سياسي وما سبق من حملات دعائية ضد العرب والمسلمين من أحداث 11 سبتمبر؟
- دعنا نتفق ان قضية حقوق الانسان كثيرا ما تتأثر سلبا وايجابا بالأحداث السياسية في أي منطقة من العالم، وللأسف فإن بعض القوى تلجأ لتسييس هذه القضية كوسيلة للضغط أو لتحقيق مصالح ما، أو شن حروب اعلامية ضد من يختلفون مع هذه القوى، لكن الحقيقة المؤكدة ان حقوق الانسان تتعرض للقدر الكبير من الانتهاكات والاهدار في ظل الصراعات السياسية والعسكرية.
وعلى سبيل المثال ماذا تسمي ما تفعله حكومة شارون ضد المدنيين الفلسطينيين في الأرض المحتلة من حصار وتجويع وهدم منازل، كذلك معاناة الشعب العراقي من نظامه الأسبق وفي ظل الظروف الحالية بعد سقوط هذا النظام.. وبالتالي يمكن القول ان انعقاد المؤتمر في هذا التوقيت يأتي استجابة للأحداث الراهنة وتفاعلا معها.
* لكن المؤتمر يطرح حقوق الانسان في السلم أيضاً ولم يقتصر على الصراعات المسلحة، فما الهدف من ذلك؟
- الهدف هو توسيع دائرة حماية هذه الحقوق لتتجاوز سبل حمايتها فترات النزاعات العسكرية المسلحة والحروب، لأن حقوق الانسان تتجاوز بدورها حقه الطبيعي في الحياة التي وهبها الله، الى حقه في التعليم والعلاج والمعرفة والتعبير عن الرأي وكثير من هذه الحقوق لا تتم حمايتها في أماكن كثيرة من العالم وان اختلفت الأسباب ما بين الفقر أو عدم الاهتمام أو حتى الجهل بها، والمؤتمر يسعى الى ابراز كل هذه الحقوق والتعريف بها، وبحث سبل حمايتها ومن هنا جاء عنوان المؤتمر في السلم والحرب معاً.
* هل إسناد مهمة تنظيم المؤتمر لجمعية الهلال الأحمر السعودي تنأى بما يتم التوصل اليه من توصيات من حسابات اللعبة السياسية والتي تحول كثيرا دون تنفيذ القرارات والتوصيات؟
- ربما يكون بعض ما تقوله صحيحا، فالخلافات السياسية بين بعض الدول، تضر بما تتوصل اليه كثير من المؤتمرات الخاصة بحقوق الانسان، لكن الهلال الأحمر السعودي من خلال ما يمتلكه من خبرات كبيرة لمساعدة وانقاذ واغاثة المنكوبين سواء من جراء الحروب أو الكوارث الطبيعية وعضويته في الهلال والصليب الأحمر الدولي أهله لأن يتولى مهمة تنظيم المؤتمر، الذي حظي بدعم ورعاية من حكومة خادم الحرمين الشريفين وبمشاركة من وزارات الداخلية والخارجية والعدل، ولا شك ان ذلك يتيح فرصة أكبر لمؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق الانسان بالاضافة الى الشخصيات العامة.. كما تتيح فرصة تنفيذ التوصيات التي يتم التوصل اليها بإذن الله.
* وما الأهداف التي تطمحون لتحقيقها من خلال المؤتمر وترون بإمكانية تنفيذها لحماية حقوق الإنسان؟
- من خلال استعراضنا لنتائج المؤتمر المماثلة حرصنا على تحديد الأهداف بدقة، بعيدا عن اطلاق شعارات جوفاء، أو طموحات خيالية لا مجال لتنفيذها، ومن هذه الأهداف التعريف بحقوق الانسان وقتي السلم والحرب، كما نصت عليها الشريعة الاسلامية، وكذلك التعريف بالمفاهيم المختلفة لحقوق الانسان وبحث مدى اتفاقها أو اختلافها بعضها مع البعض.. اضافة الى رصد العقبات التي تحول دون تطبيق اجراءات حماية هذه الحقوق وسبل تجاوزها، كذلك العمل على رفع درجة الوعي بحقوق الانسان ونشر أحكام القانون الدولي الانساني والتعريف بجهود المملكة في مجال حقوق الانسان.
* لكن ألا ترون أن أهداف المؤتمر يغلب عليها الجانب الفكري والناحية التنظيرية؟
- ثبت من خلال التجربة ان كثيراً من الانتهاكات لحقوق الانسان تعود بالأساس الى الجهل بهذه الحقوق لذا فمن المفيد عمليا ان يتم التعريف بحقوق الانسان على كافة المستويات.. لأننا لا نستطيع ان نحمي ما لا نعرف، ونفس الشيء بالنسبة لقواعد ومواد القانون الانساني، والتي لا يعرفها الكثيرون خاصة في ظل تعدد تفسير هذه القواعد.. ولنضرب مثلا.. بالشريعة الاسلامية ودورها في حماية حقوق الانسان، نجد ان الغرب لا يعرف شيئا عنها، وبسبب هذا الجهل تحدث بعض الانتقادات لها.. ولو عرف الغرب مدى صيانة الاسلام لحقوق الانسان لاختفت هذه الانتقادات وانكشف زيفها ودوافعها.
* وما هي الوسائل التي تم توفيرها لتحقيق هذه الأهداف من خلال المؤتمر؟
- حددت اللجنة المنظمة للمؤتمر بإشراف معالي رئيس جمعية الهلال الأحمر السعودي والمشرف العام على المؤتمر الدكتور عبدالرحمن السويلم عددا من المحاور التي نأمل ان تحقق الأهداف التي تحدثنا عنها ومن هذه المحاور الاشكاليات التي تواجه تنفيذ أحكام القانون الدولي الانساني، واستراتيجية تعليم حقوق الانسان وآليات الحماية الدولية لهذه الحقوق.. ومواد حقوق الانسان من المنظور الاسلامي، ووسائل حماية المدنيين من أخطار النزاعات المسلحة ودور المنظمات غير الحكومية في الحفاظ على حقوق الانسان، كذلك دور جمعيات الهلال والصليب الأحمر في دعم قواعد القانون الدولي الانساني وغيرها من المحاور التي تتيح عرض رؤية علمية واقعية قابلة للتنفيذ لتحقيق أقصى استفادة ممكنة.
* أشرتم في معرض حديثكم الى أهمية دور المنظمات غير الحكومية، فماذا عن حجم تمثيلها في المؤتمر؟
- نرحب بمشاركة أي منظمة أو هيئة وقد وجهنا الدعوة بالفعل لعدد كبير من المنظمات غير الحكومية المهتمة بحقوق الانسان، والتي أبدت موافقتها وترحيبها بالمشاركة، اضافة الى عدد كبير من جميع دول العالم ولا يوجد ما يمنع أي مشاركات متى توافرت فيها الشروط التي حددتها اللجنة العلمية للمؤتمر بالنسبة للبحوث وأوراق العمل ويتم تقييم جميع البحوث والأوراق من قبل لجنة علمية متخصصة من ذوي الكفاءات العالية، وابلاغ أصحابها بنتيجة التقييم قبل انعقاد المؤتمر.
* بصراحة هل تتوقعون مشاركة دولية كبيرة في فعاليات المؤتمر، خاصة وأنه الأول من نوعه بالمملكة؟
- نأمل أن تكون المشاركة كبيرة وفاعلة للمؤسسات والهيئات الدولية المعنية بحقوق الانسان، وكل المؤشرات تدل على ذلك، ونعمل مع وزارات الداخلية والخارجية والعدل على ضمان أعلى مستوى للمشاركة، وكون المؤتمر هو الأول من نوعه بالمملكة لا يعني ضعف المشاركة بل على العكس تماما ان الاجراءات التنظيمية للمؤتمر بفضل رعاية ولاة الأمر بالمملكة تتم على أعلى مستوى، اضافة الى التوقيت الهام لانعقاده والذي يضاعف من أهمية المؤتمر وحجم المشاركة فيه.
* كثيراً ما تشن حملات انتقادية حول وضع المرأة في المملكة والدول الاسلامية عموماً، فماذا عن قضايا المرأة ووجودها ضمن فعاليات المؤتمر؟
- المرأة انسان ونحن نعرض لقضية حقوق الانسان وليس حقوق الرجل فقط، أو المرأة فقط، واللغة العربية تكاد تكون اللغة الوحيدة التي لا يوجد بها لفظ انسان بصيغة مؤنثة، والباب مفتوح لأية مشاركة نسائية سواء من داخل المملكة أو خارجها.. وقد تم تشكيل لجنة تنظيم نسائية بالمؤتمر وكذلك تجهيز قاعات نسائية ونأمل أن يكون المؤتمر بداية لطرح القضايا الحقيقية للمرأة، بعيداً عن الشعارات الجوفاء التي ثبت زيفها.
|