* القاهرة مكتب الجزيرة أحمد سيد - محمد العجمي:
أصبح الزحام على مخابز رغيف الخبز في مصر أحد المشاهد المألوفة، كل صباح في الشوارع المصرية، فقد عادت الطوابير لشراء رغيف الخبز من جديد بعد أن كادت تختفي منذ سنوات مضت لكن عاد مطلب الحصول على رغيف الخبز المدعم الذي يباع بخمسة قروش ليشكل الهم الأساسي لكل أسرة بعد عجزهم عن شراء الرغيف السياحي الذي وصل سعره إلى 25 قرشا.
ويرى المراقبون أن هذه الأزمة تكشف أزمة عن اقتصادية عميقة، ويؤكدون أنها - أي أزمة رغيف الخبز- تهدد أمن واستقرار السلطة بل، وقد تدفع إلى المظاهرات والفوضى في أرجاء مصر خاصة مع زيادة نسبة الفقراء وتدني مستوى المعيشة وفي ظل الارتفاع الجنوني للأسعار والدولار، وهذا ما دفع الرئيس مبارك عقب عودته من جولته الأوروبية إلى عقد اجتماع موسع مع الحكومة، واكد على ضرورة تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين غير القادرين من رغيف الخبز وهو ما دفع الحكومة إلى الانعقاد بصفة مستمرة وبدء التنفيذ في طحن 120 الف طن من القمح بمطاحن القطاع العام وتوزيع حصص الدقيق المخصصة للمحافظات للبدء في انتاج رغيف وزن 90 جراماً بدعم عشرة قروش، ومع ازدياد الأزمة قرر الرئيس مبارك توفير دعم اضافي 1 ،4 مليار جنيه لعدد من السلع الأساسية وتشمل رغيف الخبز والعدس والسكر والشاي والزيت والارز، وفي محاولة لفك الاشتباك على المخابز تم تزويد سبع محافظات ذات الكثافة السكانية العالية بنحو 5600 طن دقيق، وتقرر تزويد 2371 مخبزا بحصص اضافية من الدقيق لمواجهة اختناقات الخبز.
تفسيرات متعددة
يرى الخبراء أن هناك تفسيرات متعددة لأزمة رغيف الخبز المصري ولكن السبب الرئيس هو القمح و انخفاض الحصص المخصصة للمخابز حيث يرى مجدى عيسى نائب رئيس غرفة صناعة الحبوب أن تفاقم الأزمة ترجع إلى انخفاض المحصول الروسي بنسبة 28% وكانت مصر تستورد منه 1 ،6 مليون طن سنويا بأسعار تتراوح بين 110 و 130 دولاراً للطن ونتيجة نقص المخزون الاستراتيجي في فرنسا وفرض الحكومة حظرا على تصديره مما زاد الإقبال على القمح الأمريكي بالاضافة إلى اتجاه دول أخرى للسوق الأمريكي ما أدى إلى ارتفاع سعره عالميا، بالاضافة إلى انخفاض قيمة الجنيه المصري وندرة الدولار بالبنوك اأدى لتفاقم المشكلة.
ويوضح فرج وهبة رئيس شعبة أصحاب المخابز بغرفة القاهرة أن الغرفة سبق وأن حذرت أكثر من مرة من حدوث أزمة فى رغيف الخبز، منوها إلى أن هناك أصحاب مخابز يقومون ببيع الدقيق فى السوق السوداء للتغلب على الخسائر المتواصلة التى تلاحقهم يوميا بسبب تكاليف الانتاج من طاقة ومياه وأجور وتأمينات وأعباء ورسوم محلية.
ويؤكد أن جميع المخابز بلا استثناء تخالف المواصفات الخاصة بإنتاج الرغيف، فالتزام اصحاب المخابز بتعليمات وزارة التموين يعني تحقيق خسائر فادحة لهم !.. مشيرا إلى أن الأزمة لا تتعلق بنقص حصص الدقيق فقط وانما ايضا بقرارات عقاب بعض المخابز بالاغلاق مما أدى إلى زيادة الضغط على مخابز اخرى ذات حصة دقيق محدودة .
ويضيف وهبة أن الشعبة لا تطالب بزيادة أسعار الرغيف بل تطلب دعما فى تكاليف الانتاج بأن تعاملنا الحكومة معاملة خاصة فيما يتعلق بتقدير قيمة الطاقة والمياه فلابد أن تحاسبنا بأسعار اقل 50 % عن الأنشطة التجارية الأخرى حتى تقضى على التلاعب فى سوق الخبز.
وعلى الجانب الآخر فإن وزارة التموين تعاملت مع أزمة رغيف الخبز على إنها حركة تمرد من جانب أصحاب المخابز، فكان أول رد فعل للوزارة هى الاعلان فى نهاية الشهر الماضى عن اجراءات رادعة خاصة فيما يتعلق بتبريرأصحاب المخابز تدني كميات الدقيق المخصصة لهم، اذ تؤكد الوزارة أن الحصة الشهرية زادت بصفة عامة على مستوى الجمهورية بما يعادل 15 ألف طن.. وهو ما دعا وزير التموين الدكتور حسن خضر إلى اصدار تعليمات لمديريات التموين بتكثيف الرقابة على المخابز والتواجد المستمر بها والتنسيق مع المحليات لضبط سوق الرغيف وصناعة الخبز بحيث تضمن استمرار تواجد رغيف الخبز طوال اليوم. ويضيف مجدي عيسى نائب غرفة صناعة الحبوب المصرية أن المشكلة ستعقد مع بدء العام الدراسي ووفقا لتقارير الغرفة فإن الطوابير زادت أمام الأفران وحددت بعض المخابز حصة لكل فرد بعشرة أرغفة فقط.. مطالبا بضرورة مراعاة الظروف الحالية التى تمر بها مصر خاصة من جانب اصحاب المطاحن ومستوردي القمح لتقليل هامش الربح، مع أهمية مراجعة تكلفة انتاج الخبز التي لم تتغير منذ عام 1987.
ويؤكد الدكتور عبد الرحمن عليان المستشار التجاري لغرفة صناعة الحبوب أن الزحام أمام المخابز أصبح مشهدا مثيرا بصورة يومية خلال الفترة الأخيرة وهذا يعود إلى أن كميات الدقيق المتوفرة بالأسواق أصبحت غير كافية خاصة بعد أن كان يتم خلطه بنسبة من الذرة لتعويض النقص ولكن بعد التراجع عن هذا الاجراء عادت المشكلة مرة أخرى خاصة وان مشكلة صناعة رغيف الخبز تتفاقم باستمرار بسبب الاعتماد على عمالة غير مدربة والنقص الواضح في وزن الرغيف.
|