Monday 29th september,2003 11323العدد الأثنين 3 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
كي لا يتحول الاحتفاء بـ «اليوم الوطني» إلى ظاهرة صوتية!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

لو جُمعَ كلُّ ما قيل وما كُتِب وما صوِّر وما أُنشد بمناسبة ذكرى «اليوم الوطني» للمملكة عبر الأعوام العشرة الماضية، تمثيلاً لا حصراً، لامتلأت بذلك أسفار ومجلدات، ولاجتمعت أرتال من شرائح المسموعات والمرئيات، وإذا صح هذا القول، فهل يعني أن احتفاءنا ب «اليوم الوطني» لبلادنا قد تحول عبر السنين، بإرادة أو بدونها، الى «ظاهرة صوتية»، نمارسها سمعاً وبصراً، كلما هلّ بدر هذه المناسبة الأثيرة على نفوسنا جميعاً التي تذكرنا أبداً بعِظَمِ المبادرة الجبارة التي اتخذها «مهندس» هذا الكيان الخالد، طيب الله ثراه، لإعادة «هيكلة» بلادنا، تاريخاً وجغرافية وتنظيماً وإنساناً، فإذا الشتات.. وحدة، وإذا الشقاقُ أمنٌ، وإذا ظلامُ الفقر يتقهقر أمام مشاعل الازدهار.
***
ولما كانت الشريحة الشابة تشكل أغلبية شبه ساحقة في تركيبة شعب المملكة العربية السعودية، فإنني أزعم بقدر من اليقين أن مناسبة هامةً، مثل اليوم الوطني، قد تحولت أو ستَتَحول الى ظاهرة سمعية وبصرية في عقول وأفئدة هؤلاء الشباب، يتلقونها عبر أوعية الإعلام المختلفة، الى جانب كتب المدارس والجامعات، في الوقت الذي يتوارى فيه خلف أفق الأجل أفراد من الجيل الأول والثاني، منهم مَنْ قضى نحبه ومنهم مَنْ ينتظر، قد شهدوا ولادة هذه البلاد تكويناً وتأسيساً، أو عاصروا أجزاء من مراحل البناء التي تلت ذلك.
***
* وأذكر أنني كتبتُ مراراً عن «اليوم الوطني»، مناسبة وحدثاً ومعنى، وكان «الجيلُ الشاب» هاجساً ملحاً يتوارى خلف كل كلمة ضمتها تلك السطور. لقد تساءلت قبل سنين، وأتساءل الآن:
* إلى أي مدى استوعب جيلنا الشاب ذكرى «اليوم الوطني»، بمعانيه ودلالاته ومضمونه؟!
* ماذا فعلنا نحن، مجتمعاً ومسؤولين ومؤسسات خاصة وعامة، لتجذير هذا الحدث التاريخي الخالد في الوجدان الشاب، واستشراف العبر التي ترمز إليها هذه المناسبة التي تتكرر زيارتها لنا عاماً بعد عام؟!
***
* قلتُ مراراً وأقول الآن بنبرة يعطرها الحب لهذا الكيان، ويؤطرها الألم: إنني كنت وما برحت أخشى ألا توجد مناسبةُ «اليوم الوطني» سوى في ذاكرة الإعلام المرئي منه والمقروء والمسموع، و«أجندة» سفاراتنا في الخارج، نسمع ونقرأ ونشاهد ما يبث عنها كل عام.. وفيما عدا ذلك، لا نرى ولا نسمع ما يدل على «حضور» هذه المناسبة في أفئدة شبابنا هنا على أرض الوطن عبرة واستلهاماً، ثم تمضي المناسبة في ذمة النسيان حتى تهل علينا من جديد!
***
إنني لا أدعو الى إقامة «مراسم عيد» بهذه المناسبة، فتُعطلُ المرافق العامة والخاصة، وتُدقُّ الطبولُ، ويطيبُ للسامرين السَّمَر، لأنني أدرك المحاذير الشرعية الرادعة لذلك، لكنني أتمنى إيجاد «حد أدنى» من مظاهر الاحتفاء الرمزي بهذا اليوم نعبر بها عن ولائنا لهذا الوطن وانتمائنا اليه، واعتزازنا بذكرى قيامه، وفي الوقت نفسه، تعين فلذات الأكباد على استيعاب مضامين هذا اليوم ورموزه وأهدافه، فيزداد وعيهم وعياً ويتنامى انتماؤهم الى الوطن فخراً وبذلاً وثباتاً!
***
فمثلاً:
1- ألا يمكن أن تخصص حصة «التربية الوطنية» في يوم الذكرى للحديث عنها من لدن الادارة والأساتذة والطلاب بأسلوب حضاري معين؟
2- ألا يمكن استثمار المناسبة التاريخية ثقافياً بإقامة الندوات والمحاضرات والمعارض واللقاءات والمسابقات الفكرية والرياضية استقطابا لانتباه الفئات الشابة وغير الشابة، كي تستشعر المناسبة حَدَثاً ومعنى؟
3- ألا يمكن مشاركة القطاع الخاص بفعاليات معينة تذكر بالمناسبة ولا تخل بهيبتها الوطنية والتاريخية؟
***
وبعد..
فأنني أسوق هذا الحديث من منطلق أن اليوم الوطني لبلادنا ليس مناسبة رسمية تحييها بعض الجهات الرسمية بأسلوب أو آخر، ممثلة في وزارة الثقافة والإعلام والممثليات في الخارج فحسب، ولكنها شأن وطني هام من حق الإنسان العادي في هذه البلاد التعبير عن ترحيبه به وتذكره له، وبأسلوب لا يحدث عوجا ولا يخالف محذوراً.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved