كلما مرت ذكرى اليوم الوطني طافت بنا الذكريات التاريخية فهو يوم الوطن وسيرة كل عظيم؛ فلقد كان الملك عبد العزيز شخصية قيادية وتاريخية وصاحب تجارب متنوعة القدرات وكان صاحب خلق ثابت في التعامل الداخلي والخارجي وكانت اصلاحاته الاجتماعية من القوة والعمق والثراء والتنوع تمثل جانبا مهما من مقومات النجاح وكان يواجه الناس مواجهة صريحة واضحة فكان مثلا حيا في الصدق والاخلاص والجد والتحلي بمكارم الاخلاق وعلى هذا الاساس جمع حوله ابناء البلاد فوحد الامة وآخى بين افرادها وجماعاتها واقاليمها وجاهد في سبيل تعزيز هذه الوحدة وتوطيد دعائمها وتمتين اواصرها وحسن العلاقة الاجتماعية بين افرادها وحسن التفاهم وغرس روح المحبة والمودة بينهم والاسهام في علاج المشكلات بحكمة بالغة.
لقد سخر عمره وجهده في خدمة دينه وامته وكان ثابتا على دينه وقيمه وعمل على كل ما يهم الامة ويؤثر في حاضرها ومستقبلها وركز انتباهه على قضايا العقيدة والامن والوحدة والحكم بما انزل الله والتعليم وتوطين البادية والاصلاح الاجتماعي واجرى مصالح الناس وقاد امته في ضوء منهج شديد الوضوح.
وبدأ الملك عبد العزيز في تنفيذ برامجه الاصلاحية للنهوض بالدولة الفتية فوضع جلالته «رحمه الله» برنامج عمل اجتماعي واقتصادي اطلق عليه نظام «الهجر» يهدف الى تحويل مجتمع البادية الى مجتمع مستقر ينعم بالسلام وقد اختار لكل هجرة موقعا مجاورا للمياه ودفع رجال القبائل الى استبدال خيامهم المصنوعة من الوبر ببيوت من الطين المجفف لتقيهم حر الصيف اللافح والشتاء القارس كما علمهم اساليب الزراعة ووفر لهم البذور، وان علينا في هذه المناسبة ان نقف وقفة تأمل في كيفية تأسيس هذا الكيان.
ومن له الفضل بعد الله في ايجاد وحدة نموذجية بين افراد هذا الوطن الابي وصهرهم في بوتقة واحدة وصنع منهم شعبا له كيانه واستقلاليته بعد ان كانوا في السابق قبائل وفئات ان لم يختلفوا لم يتحدوا.
نعم انه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود صانع المجد وباني الوطن ومؤسس هذا الكيان.
فبفضل الله وعونه وتوفيقه استطاع الملك عبد العزيز ان يؤسس بنيانا شامخا ويقيم صرحا اساسه التقوى واتباع الدين الاسلامي الصحيح.. ويضع منهاج نهضة حضارية ما زال.. ابناء هذا الوطن يسعدون في ظلها اليوم والى الابد ان شاء الله.
لقد برز الملك عبد العزيز في حقبة تاريخية مليئة بالظروف القاسية، ولكن قوته وصبره ومؤهلاته القيادية ووعيه للتاريخ وشخصيته المتعددة الجوانب مكنته من القدرة على النجاح والاصلاح والوحدة.. ان كل خصاله العبقرية مكنته من اقامة دولته تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله».
وان مناسبة الذكرى ليومنا الوطني لهي انطلاقة خير واشراقة نهضة وتطور.. فالأمم تسعد دائما بأيامها الخالدة وشرح اهدافها، فينبغي علينا ان نحيي ذكرى هذا القائد العظيم وتضحياته ومدى صبره وجلده وستبقى تلك الذكرى تتناقلها الاجيال جيلا بعد جيل لما حفلت به من جلائل الاعمال وعظيم المنجزات والتضحيات، وتاريخ الملك عبدالعزيز يقتضي تقديمه للدارسين والمختصين في صور عديدة وانماط كثيرة للتعريف به على نطاق عالمي.
ونسأل الله في هذه المناسبة الجليلة المزيد من التوفيق والنجاح والازدهار في كافة المجالات والله الموفق والهادي الى سواء السبيل.
|