شهد الأسبوع الماضي وخلال هذا الأسبوع من شهر سبتمبر تقلبات سعرية كبيرة تتراوح بين 5 ،7% و5 ،1% للسوق سواء بالارتفاع أو الهبوط وكان المؤشر لسوق الاسهم السعودي يحلق مرتفعا ليتجاوز 4500 نقطة وكانت كل الدلائل تشير الى وصوله الى 5000 نقطة أو ما يقاربها خلال نهاية العام، ولكن الذي حدث أن تهاوت أسعار الاسهم كافة وبدون استثناء سواء ذات العائد والقيادية منها أو التي تخسر على مر تاريخها، وهبطت الاسعار لمستويات متدنية ليس كسابقها ولكن خلال اليوم الواحد وصلت لحد النسبة وهي 10% وحدثت عدة مرات، فماذا حدث في السوق؟ وما بين ارتفاع وهبوط خسر من خسر وكسب من كسب وبالتأكيد فإن المترددين وصغار المضاربين والمتوسطين منهم من أرهبه هذا الهبوط الحاد والمفاجئ فخرج من السوق ولسان حاله يقول: الخروج بأقل الخسائر ولكنها عادت وصححت نفسها خلال يوم واحد لا أكثر فأي عرف أو تحليل مالي كان يمكن ان يقدر ذلك، وحين نتحدث عن أسباب ومسببات ذلك نجدها خليطاً من الاسباب التي أدت لما حدث بالسوق، وبرغم ان الكثير يقول انها تصحيحية وأتفق مع هذا الرأي من منطلق التحليل المالي العلمي حيث وصلت أسعار كثير من الشركات التي ليس لها عوائد أو أي محفزات لارتفاعها إلا أنها مضاربة لا أكثر ولكن حين يكون الحوار عن اسهم القيادة وذات العوائد نجد مبررات للارتفاع السعري لديها وأضرب مثالاً بسيطاً على ذلك بشركة كبرى وهي «سابك» حين نجد اعلان نتائج الارباع السنوية وبنسب أرباح تتجاوز 200% ومستقبل ومشاريع مستقبلية كبيرة واداء مميزاً فهل يمكن ان لا نجد مبرراً لهذا الارتفاع؟ ولو همشنا كل العوامل المؤثرة بالسوق سواء السيولة أو سعر النفط أو غيرها من عوامل الدفع للسوق لكان لنا أن نقول من الصعب شراء أي سهم والسوق السعودي يصعب تقييمه كسعر سوقي مقارنة بالعائد من الاسعار الحالية، لأن هناك ضغطا كبيرا من المتعاملين بالسوق على الاسهم وسيولة عالية وضيقا في قنوات الاستثمار فأين يذهب هؤلاء بأموالهم وهم يجدون سوقا مغرية.
* وأقول نعم تصحيحية وليس لكل الشركات فهل التصحيحي يكون بنسب انخفاض في السوق تصل الى 15%!! هذا ليس تصحيحا!! فالتصحيح يأتي متدرجا والسوق يصحح نفسه بنفسه ولا يأتي على جميع الشركات دون استثناء فهل أقارن شركة تحقق عائدا سنويا على السهم يصل 50 ،4 أو 00 ،4% بشركة لا توزع أي عائد منذ تاريخها ونجد الهبوط هو نفسه كمستوى ونسب، لا نجد مبرراً كبيراً لهبوط كافة الاسهم كما شهدنا والذي للأسف ذهب ضحيته صغار المتعاملين أو المتوسطو التعامل وخاصة أصحاب التسهيلات التي وجدتها البنوك فرصة لبيع محافظهم وهي أحد الاسباب إذا كان ما حدث هو تصحيح فكيف لنا أن نفسر عودة السوق وخلال أقل من 24 ساعة للتصحيح كما حدث الأربعاء 24/9/2003م؟.
لأي محلل مالي ومكتب مالي واستشاري أقول لهم ما هو التفسير لما حدث يوم الثلاثاء والاربعاء الماضيين؟؟ أستطيع القول وقد يشهد السوق تقلبات إضافية متوازية مع ما حدث، انها المضاربة وانها مصالح الكبار ضد الصغار من كبار المتعاملين وحتى البنوك التي أجد انها متسبب رئيسي، أما كبار المتعاملين فهي شطارتهم وذكاؤهم ولا يلامون على الاستفادة من الفرص، ولكن البنوك لماذا هي مغيبة عن دورها المهم بالسوق، حيث أن أي عميل يملك مليون ريال (كمثال) نجد أن البنوك تمنحه ائتمانا بصل إلى 3 أو 4 أو حتى 10 ملايين ريال للمضارية وليوم واحد، فحين يقدم العميل للبنك الذي يتعامل معه مليونا فالبنك يمنحه 10 ملايين أو 8 ملايين كتسهيل يومي، ويفرض البنك على العميل التصفية نهاية اليوم، وحيث ان تقلبات السعر اليومية هي 10% وتحت رقابة البنك فالبنك يضمن حقوقه 100% ويمنح العميل هذا التسهيل للمضاربة وقد يفرض أو يحدد شركات محددة لان هناك تصنيفا للبنوك في المضاربة a.b.c. وهكذا، البنك هنا يحقق عائدا مضمونا بغض النظر عن العميل وما يحدث بالسوق ان المهم هو ربح البنك، هذا نوع من المضاربة التي تتم في البنوك وهؤلاء هم أكبر الخاسرين برحلات الهبوط كما حدث خلال الايام الماضية مما أدى إلى تدافع في البيع بطريقة مكثفة، ومن يعرف قراءة كيفية تنفيذ الصفقات للشركات يعرف كيف تتم عملية التصفية وكأنها اعدام لهؤلاء المضاربين الذين يضطرون للبيع في ووقت محدد بغض النظر عن أي رؤية للغد، وهذه جزئية مما حدث بالسوق من مضاربات تمت، وأعتقد انه من المهم ان تقوم مؤسسة النقد بالرقابة على كيفية تمويل هذه المضاربات التي هي طبيعية ويتحمل مسؤوليتها العميل ولكن السوق لا يجب ان يكون بهذا المستوى من الاهتزاز، وسؤالي لوزير المالية الدكتور إبراهيم العساف الذي حصل على جائزة «وزير مالية العام» في العالم خلال مؤتمر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في دبي مؤخراً كانعكاس للدور المهم في الاقتصاد الوطني والاصلاحات التي تتم، هل هذا الذي يحدث بسوق الاسهم السعودية يعكس الثقة بالاقتصاد الوطني سواء للمستثمر المحلي أو الدولي؟ لماذا منح البعض القدرة والقوة والسيطرة على السوق؟ نعم السوق ليس بيد الفئة المتوسطة التي هي ميزان الضبط له كعرف عالمي مهم وهي الفئة المتوسطة، ولكن نجد ان نخبة ذكية تملك رأس المال والتأثير بتحريك السوق كما تريد فمن المسؤول عن ذلك؟.
بطبيعتي لا أفضل التدخل الحكومي في الشأن الاقتصادي فمتى دخل الدور الحكومي كانت هناك المركزية والبطء وعدم التوازن للسوق، ولكن نقول نعم لحرية اقتصادية ومالية بكل أبعادها لكن نريدها بمظلة قانونية رقابية متمكنة لا أن يكون موقف مؤسسة النقد من أن 10% هي الضابط للسوق بالارتفاع أو الهبوط، هناك دور مهم لمؤسسة النقد ووزارة المالية يتمثل في حماية السمعة للاقتصاد الوطني من هذه التقلبات التي تأتي يوما بعد يوم ومتسارعة وليست في يوم واحد وتنتهي بل أصبحت متكررة ولا نستبعد ما قد يحدث غداً أو خلال دقائق، دور مهم على مؤسسة النقد أن تفحص عمليات المضاربة ودور صناديق البنوك وعقود المضاربين مع البنوك وهل هناك تغطية حقيقية أم هي وهمية بلا أي تغطية وملاءة مالية؟ فهل البنوك تقوم بمنح هذه التسهيلات من خلال سيولة وهمية تتم لأننا نجد أن مليارات الريالات يتم تداولها وتصفية لمحافظ المضاربين بمبالغ كبيرة جداً.
وأعيد التأكيد برغم كل مايحدث للسوق السعودي فإنه بخير والاقتصاد الوطني الذي يتوقع أن يحقق نموا بنسبة 5% كما صرح بذلك وزير المالية، وتوقع بأن يكون هناك فائض مالي بالموازنة العامة للدولة، ونتائج الشركات المميزة، صغر السوق السعودي للاسهم القيادية والعوائد، والسيولة العالية وغيرها، كلها عوامل تدفع السوق للأعلى وهو منطقي وبالذات للاسهم ذات العوائد وأشدد على ذلك، فمهما حدث بالسوق ومهما فعل من فعل تظل الثقة بالاقتصاد ومعطيات السوق كبيرة وقوية، ونتائج الشركات الكبرى الثلاث القائدة تدعم السوق، ومن يجيد القراءة المتأنية البسيطة يجد أن السوق السعودي بخير ويغري خلال الفترة القادمة ومهما تم من ترهيب وتخويف وسحب لكميات الكثير من الصغار أو المضطرين للبيع يبقى السوق قويا وصامدا بأرضية صلبة، ومن صبر وانتظر وجد المؤشر بنهاية يوم الاربعاء الموافق 22003/9/4 قفز 72 ،327 نقطة عن اليوم السابق بنسبة ارتفاع 44 ،8% ومهما تم بالسوق تبقى أسهم الملاذ الامن هي القوة التي تحفظ السوق من أي تقلبات لمن يحافظ عليها فهي تصحح نفسها بنفسها وتحقق أكبر العوائد، فكما انه عند الحروب يتم اللجوء للذهب أو الدولار، وهنا أقول بأنه في التقلبات الشديدة تتاح فرص كبيرة جدا وأرباح قد لا تتكرر وتكون مميزة جدا، ولكن لاتكن مضاربا على طول الخط وضع نسبة جيدة من أموالك في شركات الملاذ الآمن، ونسبة من السيولة تحتفظ بها دائما لفرص تأتي وقد لا تتكرر كثيرا كما حدث يوم الاربعاء 22003/9/4م.
|