Sunday 28th september,2003 11322العدد الأحد 2 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
دستور العراق.. المهمة الصعبة
جاسر عبدالعزيز الجاسر

تحت ضغط حاجتها إلى غطاء أممي لإسباغ الشرعية على احتلالها للعراق، تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على تحقيق بعض المطالب من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والدول العربية والإسلامية التي وضعت على رأس مطالبها إعادة الشرعية وتسليم الحكم للعراقيين، ولأن هذين المطلبين لا يتحققان إلا بوجود دستور عراقي يتضمن نهج الحكم وآلياته، والنظام السياسي ومؤسساته، فإن الأمريكيين أخذوا يكثرون من تصريحاتهم بشأن ضرورة الإسراع في صياغة الدستور العراقي المنتظر، بل إن بعض المسؤولين الأمريكيين الكبار ومنهم وزير الخارجية كولن باول يحددون مهلة قصيرة لإنجاز هذه المهمة الصعبة ويؤكدون أن الربيع القادم سيشهد مولد هذا الدستور، ومعنى هذا أن أمام العراقيين سواء أعضاء مجلس الحكم الانتقالي أو الحكومة العراقية أو اللجان المعدة لهذا الدستور أن تنجزه في غضون ستة أشهر، وهي مهلة غير كافية في نظر العديد من المتابعين والمختصين والعارفين في الشأن العراقي وتعقيداته الداخلية التي تعود إلى إشكاليات التركيبة العرقية والطائفية المتنوعة في هذه البلاد، فالساحة العراقية تبدو معقدة في ظل صعوبات التوفيق بين مطالب السنّة والشيعة، والعرب من جهة، والأكراد من جهة أخرى الذين يريدون نظاماً فيدرالياً يؤمِّن لهم قدراً كبيراً من الحكم الذاتي، وهذه النقطة تصطدم بوضع الأقلية العرقية الثانية «التركمان» الذين ينازعون الأكراد المطالبة بالسيطرة على مدينة كركوك التي يعدُّها الأكراد عاصمة لإقليم كردستان، المطالبين بأن يكون تحت حكم ذاتي واسع بإدارة الأكراد ضمن حكم فدرالي.
وهنا تبرز مسألة في غاية الأهمية والتعقيد وهي الدور الذي سيلعبه الدين في العراق وطبيعة المستقبل السياسي للبلاد في ضوء الجدل حول ما إذا كان سيتولى الحكم رئيس واحد، أم قيادة قائمة على اقتسام السلطة، وهل ترضى الفئات العرقية الأخرى بالقسمة الحالية التي فرضتها أمريكا على العراقيين بإعطاء النصيب الأكبر من المقاعد والمناصب في مجلس الحكم الانتقالي والحكومة العراقية للشيعة وتغييب مدن عراقية مهمة كالموصل والرمادي وتكريت وبعض محافظات الجنوب، بل حتى أن البغداديين نسبة إلى بغداد يشتكون من تغييب مثقفيهم وتجاهل تيارات سياسية وثقافية اجتماعية مؤثرة.
كل هذه التعقيدات وتعدد الآراء وتنوعها تجعل من مهمة إعداد دستور للعراق في غضون ستة أشهر مهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة رغم أن مجلس الحكم العراقي قد أعلن عن تشكيل لجان لإعداد هذا الدستور الذي يعتبره الأمريكيون والموالون لهم في العراق مفتاح اكتساب الشرعية للتواجد الأمريكي.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved