Sunday 28th september,2003 11322العدد الأحد 2 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أجواء أجواء
الشيخ الجاسر والتكريم المطلوب
حمد بن عبدالعزيز السويلم

تبدأ يوم الرابع من هذا الشهر فعاليات ندوة «الشيخ حمد الجاسر وجهوده العلمية» التي تنظمها كلية الآداب بجامعة الملك سعود.. وكان من المفترض أن يقام هذا الاحتفال قبل عام لكنه أجل غير مرة، ولعل رغبة المنظمين في إقامة احتفاء يليق بعلامة الجزيرة وراء هذا التأجيل ومن المفارقات التي تثير الاستغراب أن الشيخ العلامة حمد الجاسر حظي بتكريم متعدد في بعض العواصم العربية، على حين تتباطأ مؤسساتنا العلمية والثقافية في تكريمه.
لقد كرم الشيخ رحمه الله حينما كان حيا حيث منح جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1404هـ، وجائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي عام 1416هـ وفي العام نفسه منح جائزة الكويت للتقدم العلمي وجائزة سلطان العويس في الإمارات العربية المتحدة، ومنح بعد ذلك بعام وسام الملك عبدالعزيز عندما اختير ليكون الشخصية السعودية المكرمة في مهرجان الجنادرية.
وهو الآن وقد أفضى إلى ربه قد ترك نتاجا علميا ثريا نحن بحاجة إلى استثماره بإعادة قراءته وتوظيف معطياته في واقعنا الفكري والأدبي ولاشك أن الندوات العلمية هي الكفيلة بتحليل هذا النتاج.
وإذا كانت جامعة الملك سعود قد قامت ببعض ما عليها تجاه الشيخ، فإننا نتطلع إلى أن تقدم الجامعات الأخرى ندوات تكمل جهود الآخرين وخاصة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي كان الشيخ رحمه الله أول مدير لها.
لقد كان الشيخ رحمه الله صاحب رؤية متكاملة للإنسان والحياة والكون والطبيعة، لذلك جاء نتاجه العلمي بمثابة الموسوعة العلمية المتكاملة، لقد فتح عينيه في شبابه على واقع ثقافي متخلف فأخذ يتأمل بوعيه الشروط اللازمة للحضارة والعوامل المؤدية للنهضة، وشرع مع كوكبة من رواد هذا المجتع العريق في تسديد مسيرة الفكر وإعادة روح الحياة إلى أبناء هذا الوطن.
إن الاهتمام بالمجتمع من خلال التربية والتعليم، والاهتمام بثقافته بربطها بسياقها الحضاري وأصالتها العربية، والاهتمام بالمكان الجغرافي وصلته ببعديه البشري واللغوي، ثم التعويل على الصحافة من جهة، وعلى الطباعة من جهة أخرى بوصفهما وسائل لبث الروح العلمية والوعي الحضاري.
إن الاهتمام بذلك كله مؤشر على وعي الشيخ رحمه الله بمفاتيح النهضة وأسرار التقدم.
لقد عمل الشيخ في دأب بحثي يقل نظيره على التعمق في كل ما يتصل بفروع الثقافة العربية ومجالاتها القديمة على وجه الخصوص وعكف على التراث اللغوي والأدبي يستظهر المادة اللغوية والأدبية المرتبطة ببيئته المحلية.
ولقد تنوعت مؤلفات الشيخ الجاسر وتنوعت على نحو يدعوا إلى الاكبار والاجلال ان الشيخ الجاسر رائد وجد في وقت كان المجتمع قد تردى فيه إلى غياهب التخلف، فكان عليه ان يناضل في جبهات متعددة لكي يسهم في انتشال هذا المجتمع من حالة الجهل والظلمة ونقله إلى المعرفة والنور.
لقد عمل الشيخ بدأب لا يعرف الكلل ما يزيد على ستين عاما فخرج بحصيلة علمية تتسم بالشمول والعمق والنفاذ إلى قضايا علمية جوهرية، وقد استند شمول هذه الحصيلة العلمية على معرفة واسعة باللغة وخبرة مذهلة بالتاريخ والجغرافيا، خاصة جغرافية الجزيرة العربية،
كما اعتمد على الرحلة والمشاهدة المباشرة للاماكن والآثار وكان يعد الرحلات من سبل المعرفة الضرورية، فقام برحلات عديدة جنى منها معلومات مهمة وظفها في الكتب التي ألفها في وصف البلاد أو تلك التي حققها مما يتصل بما يسمى الجغرافيا الأدبية.
وكان إلى جانب هذه المعرفة صاحب ذائقة فنية مستنيرة تدرك مواطن الجمال وتعي شروط الفن.
وقد تتبعت في بحث لي سأشارك به في الندوة المشار إليها آنفاً وقفات الشيخ الجاسر النقدية، وهي نظرات مبثوثة في ثنايا كتبه العديدة فوجدتها نقدات ثاقبة أكدت على القيمة الجمالية للنص الأدبي وقد جاءت هذه النظرات في وقت كان الشعر فيه عبارة عن منظومات وعظية وحكم غارفة بالصنعة المتكلفة، فأسهمت هذه النظرات في نقل الأدب من وضعه الذي آل إليه إلى نهضة أدبية لا تزال تواصل نموها وتطورها.
إننا نتطلع إلى ندوات علمية عديدة تلقي الضوء على نتاج هذه القامة العلمية الفذة تتضافر في تنفيذها الجامعات والمؤسسات العلمية لكي يظل هذا النتاج حيا متفاعلا مع واقعنا الثقافي.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved