Saturday 27th september,2003 11321العدد السبت 1 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

د. طارق الحبيب: د. طارق الحبيب:
ضرب المرضى لإخراج الجن من بدن المصروع عملٌ ليس له أساس شرعي!!

ذكر الدكتور طارق بن علي الحبيب الأستاذ المشارك واستشاري الطب النفسي بكلية الطب والمستشفى الجامعي بجامعة الملك سعود بالرياض في كتاب له بعنوان «العلاج النفسي والعلاج بالقرآن: رؤية طبية نفسية شرعية» عددا من أهم القضايا الشائكة التي لا تزال محل بحث وخلاف بين الرقاة والمعالجين بالقرآن من جهة وبين الأطباء والنفسانيين من جهة أخرى.
ففي موضوع استعمال بعض الرقاة للضرب كوسيلة لعلاج واستخراج الجان من بدن المصروع يرى د. الحبيب ان الناظر بتأن في جميع الأحاديث الواردة في شأن الرقية لا يجد فيها ما يدل على أن النبي قد ضرب أحداً إلا في موضعين الأول: حديث أم أبان بنت الوازع بن زارع عن أبيها ان جدها انطلق إلى رسول الله بابن له مجنون فقال: ادنه مني، واجعل ظهره مما يليني» فأخذ بمجامع ثوبه من أعلاه وأسفله فجعل يضرب ظهره ويقول: «اخسأ عدو الله» فأقبل ينظر نظر الصحيح... وقد علق المحدث سلمان العلوان على هذا الحديث في تعليقه على الكتاب وحكم بضعفه.
أما الحديث الثاني فحديث عثمان بن أبي العاص حين اشتكى للرسول صلى الله عليه وسلم ان الشيطان جعل يعرض له في صلاته فلا يدري ما يصلي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «ذاك الشيطان ادنه» فدنوت منه فجلست على صدور قدمي قال فضرب صدري بيده وتفل في فمي وقال: «اخرج عدو الله» ففعل ذلك ثلاث مرات ثم قال: «الحق بعملك».
وبين د. الحبيب ان وصف الضرب الوارد في حديث عثمان بن أبي العاص لا يعني بالضرورة الضرب المتعارف عليه بين الرقاة وإنما هو أشبه ما يكون بوضع اليد بقوة على الصدر أو ضربة واحدة وليس ضرباً متكرراً كما هو حاصل.
وأورد المؤلف فتوى سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله «بأن الواجب عدم ضرب من يعتقد ان به مساً من الجان سواء كان الضرب باليد أو بأية وسيلة أخرى» وكذلك رأي المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله الذي يرى ألا يزيد المعالجون بالقرآن في مخاطبتهم على قول النبي صلى الله عليه وسلم «اخرج عدو الله».
وناقش الدكتور طارق الحبيب قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى «... وقد يحتاج في إبراء المصروع ودفع الجن عنه إلى الضرب فيضرب ضرباً كثيراً جداً. والضرب إنما يقع على الجني ولا يحس به المصروع حتى يفيق المصروع ويخبر انه لم يحس بشيء من ذلك ولا يؤثر في بدنه، ويكون قد ضرب بعصا قوية على رجليه نحو ثلاثمائة أو أربعمائة ضربة وأكثر وأقل بحيث لو كان على الإنسي لقتله وإنما هو على الجني والجني يصيح ويصرخ....» قاله في الفتاوى «19/60».
وبيّن د. الحبيب ان هذا القول وبعد استعراض النصوص والأدلة وعرضها على عدد من أهل العلم والاختصاص الشرعيين ليس له ما يدعمه من أدلة شرعية من كتاب أو سنة صحيحة وإنما هو وصف شيخ الإسلام رحمه الله لما شاهده ولاحظه على أرض الواقع ومن خلال الممارسة حيث لم يورد شيخ الإسلام دليلاً شرعياً يثبت ان الضرب يقع على الجن لا على بدن الإنسان في حين انه ذكر عدداً من الأدلة على وجود الجن ودخولهم في بدن الإنسان.
ويمضي الدكتور طارق الحبيب في تفسير حماسة البعض في إقرار استعمال الضرب بأن هذا الأمر صبغ بالصبغة الشرعية لأن أكثر من تحدث عنه هم علماء الشريعة ووردت عباراتهم هذه في معرض ردهم على بعض أصحاب الأهواء والضلالات كالمعتزلة الذين ينكرون تلبس الجان. وبيَّن المؤلف ان شفاء المريض بالضرب لا يعني مطلقاً ان الضرب علاج صائب وساق بعض القرائن الطبية على عدم اعتبار نفع ما لا نفع له حقيقة كالأدوية الوهمية التي يلعب الاستعداد النفسي للمريض وقابليته للإيحاء دوراً مهماً في درجة استجابة المريض لذلك الدواء.
ويقرر د. الحبيب ان فعل شيخ الإسلام هو من قبيل فعل أئمة السلف والخلف وأقوالهم فيما لم يرد فيه نص شرعي ومن الأمور الدنيوية غير الملزمة للأمة ولا ضير على دين وعقيدة من ينكرها.
وفي ختام حديثه استدل د. الحبيب من حادثة قوله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة «أنتم أعلم بأمور دنياكم» على ان الأنبياء والعلماء والصالحين قد يجتهدون في بعض أمور الدنيا فيصيب غيرهم ويخطئون. وبيَّن ان العلاج بالضرب علاج قائم على الظن وليس هذا فقط ما يمنع استخدامه لكن آثاره الخطيرة هي التي تجعلنا نرفضه.
الجدير ذكره ان كتاب د. الحبيب «العلاج النفسي والعلاج بالقرآن: رؤية طبية نفسية شرعية» قد طبع سبع طبعات في فترة ثلاثة أشهر ويقع في ستة فصول تتحدث عن الرقية والصرع والمس والعين والسحر وغيرها وقد قام بمراجعة الكتاب عدد من أصحاب الفضيلة العلماء وعلى رأسهم معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والشيخ الدكتور عبدالله المطلق والشيخ الدكتور ناصر بن عبدالكريم العقل وغيرهم.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved