حينما اخترت أخي يحيى توفيق، ليكون معنا في النادي، قدرت أن سيكون رافداً.. وللحق أقول: إن أخلاقيات صاحبي وأدب نفسه لا يطعن في شيء منها، فهو ملء السمع والبصر أدب نفس وحياء.. وأقدر أنه حينما يشارك في اجتماعات مجلس الإدارة، لا نسمع منه ما يسيء إلى أحد منا، وكان قليل الحديث والمشاركة بالرأي، لأن ما يقرر ويتخذ، لعله لا يناسبه، ولا أذكر أنه حادثني أو أسر إليّ بأشياء لم تعجبه، ولعله رآني قابلا ومشجعا لما يختار ويقرر، فاحترم نفسه، بعيدا عن الاحتدام وأنا أحفظ له موقفه.. وحين قرر ترك النادي، لم يقدم إليَّ استقالته كما قال في حديثه لملحق الأربعاء، ولكنه بعث بها أو قدمها إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب.
* يقول الأخ يحيى في العمود الثاني من حديثه - الأربعاوي -: «فالحق أني مستمسك بالشعر العمودي الأصيل.. ولا يستطيعون نقده». أما أن الأستاذ يحيى توفيق متمسك بالشعر العمودي الأصيل، فإنا لا نجادله في ذلك ولا في اختياره.. أما قوله - ولا يستطيعون نقده - فهذا كلام لا يقول به أديب ولا شاعر عبر تاريخ الشعر، الذي يمتد إلى العصر الجاهلي.. ويردد أخي يحيى، وقال في حديثه الذي أنا بصدده، إن الشعر لا ينقده إلا شاعر، وهذا كذلك ليس صحيحاً، ذلك أن كثيراً من نقاد العرب عبر عصور أمتنا إلى اليوم، لم أجد ما تشبث الأستاذ يحيى، وليس كل من نقد الشعر - شعراء - عبر تاريخنا الأدبي، لذلك فإني أرى أخي يحيى يرسل أحكاماً لا يوافقه أحد عليها، إذا هي مرفوضة وباطلة.
* وما النقص في كلمة وجيه، وقد وصف بها الحق كليمه ورسوله موسى عليه السلام، فقال تعالى في آخر سورة الاحزاب {وّكّانّ عٌندّ اللَّهٌ وّجٌيهْا} ، أي ذا جاه وقدر فهل أساء الغذامي اليك؟ أ ان كلمة شاعر أجدى وأصدق، وهي كلمة يبدو أحب إليك.
* وأنا أعجب من رفض أخي يحيى لكلمة - وجيه - التي وصفه بها أخي الدكتور عبد الله الغذامي، فنقرأ في أحد «مانشتات» العناوين قوله: «بسبب كلمة وجيه تركت النادي واستقلت». لا أدري أية اساءة ارتكبها الغذامي حين قدمه باسم «وجيه»، وارجو من أخي ان يسامح صديقه الدكتور الغذامي. فالمسامح كريم، فأصحح الخطأ، وأستبدل كلمة - الوجيه - بالشاعر والأديب، إذا كان ذلك يرضيه.. وأتحمل ظلامته من أخي الغذامي على أمل أن يعفو.
* خلال سؤال الأربعاء للأستاذ يحيى توفيق، وانصراف المجموعة التي تتحدث عنها في شعرك لأنها أصلا تهتم بالشعر الحديث شكلا ومضموناً الخ.. وجواب الأستاذ يحيى كان: «لكن يبدو أن السبب متعلق لكوني غير أكاديمي، فهم ينظرون إلى الناحية الأكاديمية».
* في تقديري أن ما أدلى به الأستاذ يحيى ليس شرطاً، إذ هناك شريحة غير أكاديمية لكنها تؤدي دورها في الساحة، وليست مرفوضة وكان العقاد والمازني، الزيات، الرافعي وأمثالهم، ليسوا أكاديميين، ومع ذلك كانوا بارزين، وليسوا مرفوضين، وعندنا اليوم، حتى لا يقال: إنني أتحدث عن ماض مضى عليه أكثر من نصف قرن، فان في بلادنا شرائح ليست أكاديمية من الجنسين، ومع ذلك فان لها وجودا وحضوراً، وتشارك في الإنتاج الثقافي، كتاباً وشعراء وقصاصين، أعتقد انني غير مطالب لأذكر اسماءهم، فهم ذوو حضور فاعل، ولم يرفضوا الأكاديميين، وقد استطاعوا ان تكون لهم أسماء في الساحة، داخلياً وخارجياً، وهم عزاز على انفسهم، لا يتملقون ولا يتزلقون، ومع ذلك ناجحون، ليسوا منطوين، ولعل الانسان الناجح والقادر، يستطيع ان يكون، ويتحدى المعوقات، والانهزام لا يكون إلا للقابع المتخوف مما حوله، ولا يستطيع ان يكون، وأكبر الظن ان الأخ يحيى باستطاعته ان يكون له دور كغيره من الشعراء والكتاب والروائيين وكتاب القصة إلخ..
*وعجبت من قول يحيى: «أريد ناقدا ينبهني إلى أخطائي إن كانت هناك أخطاء» يا سبحان الله فصاحبنا نفهم من كلامه انه بريء من الأخطاء، على حين لم يسلم فحول شعرائنا من الأخطاء، وفي مقدمتهم المتنبي. ومدير حديث المقابلة النابه في سؤاله الذي أشرت إلى جوابه هنا، يقول لا فض فوه: «من خلال متابعتنا للمعارك الثقافية الضارية يلاحظ أن يحيى توفيق يتحرك من مقام الشاعرية الى - الناقد - العنيف عندما ينتقد أحد شعره».. وأقول: إن يحيى توفيق ليس ناقدا، وعليه فإن مجرى الحديث حامل الماجستير في الأدب والنقد من جامعة أم القرى، لا يفرق بين النقد كقيمة، وبين الهجوم الذي يمارسه الأخ يحيى حين يُنتقد واذا لم يستطع، تحول الى الهجاء! والهجو سلعة رخيصة يمارسها العاجزون عن الدفاع بالحجة والدليل، والمفلسون هم الذين يجنحون إلى أرخص الأساليب في الحجاج، إن صح أن يكون هذا الهجاء، بديلاً وأقول ما أرخص شهادة الجامعة اليوم. إذ ينالها الكثير من غير الجديرين بها. وقد رأيته فهد الشريف على منبر نادي جدة «لا يكاد يبين».
|