شعار الإنسان في هذا العصر «المعرفة».. وللمعرفة أبواب مشرعة، وسبل متعددة، وأساليب متنوعة، وطرق لا حصر لها: ألفها «التَّعليم»، وياؤها «التَّعلم»، فمنها ما يُتلقّى، ومنها ما يُحصَد..، بجهد مأخوذ، وبجهد مبذول.
ومع ذلك: فإنَّ «المعرفة» خبرات لم ينلها كلّ من تطأ قدماه الأرض!.
*** وشعار الواقع رفاه الإنسان وسعادته: لذلك عجَّت الطرق، وكثُرت التحلُّقات، وانتشرت «الاتصالات» براً، وبحراً، وجواً، وتنافست رؤوس الأموال، واكتظت المصانع وهدرت الآلة، و... و...
ومع ذلك: فإنَّ الإنسان لا يزال في ضنكٍ، ورهق، واختناق، وفقر، وسأم، وخوف،...!!.
*** وشعار القُوى الكبرى: حرِّية الشعوب: لذلك كثرت الشعارات، وهدرت المطابع، والمصانع، وحقائب المداولات، وغرف المناقشات، ومنصَّات اللِّقاءات...
ومع ذلك: فإنَّ الشعوب تُلاحق، وتُقضُّ مضاجعُ صغارها، وُتنهتك حقوق حرِّيتها، وتُصادر أبجديات استقلالها، وتنقلب عليها سماء أمنها، الى ساحة فزعها...
*** وشعار الاقتصاديين ساسةُ بوصلة اللَّقمة، والقطرة، والكساء والدّواء، وقطرة الحبر، وورقة التدوين:«العولمة»...: لربط الإنسان بالآخر، ومزج الهدف بالغاية، وتحييد الغايات لصالح النَّوايا.
ظاهرها تضييق سعة التباعد، وتقريب مساحات التّلاقي، وباطنها الربح «المسيَّس» بشتى أنواعه.
ومع ذلك: تمَّ تذويب الثوابت، وظلَّت فجوات الثقافة، وازدادت الفواصل بين الغنى والفقر، والأعلى والأدنى، والقدرة والعجز، و...
ولا تزال عجلة السّحق، والاستدماج، تدكّ برحاها...
ولا يُعلم منتهاها...
حتى ينهض السؤال: هل سوف يتنفَّس البشر من رئة واحدة؟.
أم ينطقون من فم واحد؟ أو يشعرون بوجدان متناسخ؟ أم سينهض جميعهم - مع كلّ ذلك - ذات ألم، وحرقة، ووعي: كي يفكروا كيف يحافظون على استقلالية: النَّبضة، والفكرة، والكلمة؟ في داخل كلِّ فرد، إنسان، وفي خلية كلِّ أمَّة بمالها، وبما فيها، وبما هو عنها؟.
*** ومع كلِّ ذلك، فمن خلال كلِّ شعارات الحياة الموحيّة بجمال الحياة...
فإنَّ مؤشرات هذا الزَّخم النوراني المكثّف...، تدميرٌ لخصوصية دقيقة، هي ما لابد أن يحرص على الحفاظ عليها الإنسان، كي يتقافز فوق كلِّ شعار، فيعرف، ويسعد، ويتحرَّر، ويتفاعل مع ما يتلقّاه ذاته من الخبرات، ويسعد به من الإرادات، ويتحرَّر به عن المنغصات، ويتفاعل به مع حياته في ضوء حفاظه على كيانه، سليماً من أدواء هذا السحق، بين حجريّ رحى هذا التّناقض، الذي يحيا فيه، في لولبة عطاء الحياة من حوله على المستوى البشري العام الذي فُتحت له منافذه، وبات جزءاً منه، ربما يستيقظ ذات فجاءة، فيجد خسارته أعم، ومكسبه ليس ذا مغنم.
|