أحدثت ظاهرة بيع اللوحات المميزة للسيارات شرخاً اجتماعياً ظاهراً بين أفراد المجتمع! حيث كانوا يؤلفون - إلى حدّ ما - في مجملهم نسيجاً اجتماعياً متجانساً! وجاءت هذه الظاهرة لتزيد الهوّة اتساعاً!! ومع اعترافنا أن كل مجتمعٍ يشتمل على طبقية اقتصادية، إلا أن نجاح المجتمعات يكون في انسجامها من خلال التقارب بين تلك الطبقات.ولعل وصول سعر اللوحة إلى ما يزيد عن ضعف «دية الرجل» يعطي مؤشراً واضحاً ان أكثر ما يقتل رجالنا هي حوادث السيارات، ومن يستطيع الحصول على هذه اللوحة في ظل هذا السعر فلن يكون لديه مانع من الاستهتار بالقيادة وقتل الناس بالطرقات!! وليت من يقود المركبة ذات الرقم المميز يدرك ان التميز يعني المثالية في القيادة، واتباع الأنظمة المرورية. وكان الأحرى بإدارة المرور القيام بترشيح السائق المثالي الذي لم تسجل عليه أية مخالفات على مدى سنوات عديدة وتمنحه لوحة مميزة مجاناً ليكون اسماً على مسمى!! على أنني أجزم ان السائق المثالي يزهد بهذه الشكليات، وهذا بحق رمز التميز!! وإن كنا - نحن المواطنين - نرتئي بإدارة المرور البعد عن المتاجرة والمزايدة في هذا الأمر، وأن يكون دورها حفظ الأمن، وتوعية المواطنين وتوجيههم، والرفق بهم، ومكافأة الملتزمين بالأنظمة وممن لم تحرر عليهم مخالفات مرورية بالحسم من رسوم تجديد الرخصة، والاستمارة، والفحص الدوري المجاني على سياراتهم، حتى تكون صورة المرور لدى المواطن مقترنة بالعدالة، خلافاً لما هي عليه الآن وما تعنيه من القسوة في جباية مخالفات المرور فضلاً عن الجور والتعسف في استخدام السلطة المطلقة في ذلك!!ولقد سررتُ باقتراحٍ أورده الأستاذ عبدالعزيز السويد في زاويته «أحياناً» بجريدة «الرياض» ويقضي بالاستفادة من بيع اللوحات ذات الأرقام المميزة وذلك لصالح صندوق الخدمات الإنسانية «أصحاب الحاجة» على اعتبار أنها تزيد عن حاجة الأغنياء. وحقيقة ان هذا الطرح جدير بالدراسة بدلاً من توريد المبالغ لوزارة المالية!!وليت هذا الاقتراح يسري على جميع الأرقام المميزة سواء للجوالات أو الهواتف الثابتة، وعلى كل رقم يطلق عليه «ممّيز»!! أو بالأحرى يسهل حفظه. ولو أن المرء يأمل ان يكون رقم حسابه في البنك سهل الحفظ، وكذلك رقم بطاقة الصراف لكثرة استخدامها حين التسديد عبر الهاتف. وكذلك رقم السجل المدني، وبطاقات المستشفيات، ولا يمنع أن يدفع المرء مبلغاً رمزياً يُسهِّل عليه أموره بشرط أن يكون مآله صندوق الفقراء.
والحقيقة أن الرقم المميز وخاصة في الجوال لا يستفيد منه صاحبه وفي ظل وجود خاصية تخزين الأرقام وظهور الأسماء بدلاً من الأرقام، حيث أن ذلك أفقد الرقم الخصوصية «أو التميز كما يحول للبعض!!» والتي لا تبدو إلا عند الاتصال للمرة الأولى فحسب!!ولو أرجعنا أسباب الحرص على التميز لنواحٍ نفسية محضة لوجدنا ان بعض الأشخاص الذين يحرصون عليها لم ينالوا إلا قسطاً ضئيلاً من التعليم أو لديهم نقص في بعض أوجه حياتهم فيكون حصولهم على التميز بهذه الوسيلة المادية «المريحة» مكملاً لذلك النقص، وغالباً ما يلجأ إليها الشباب لخصوصية هذه المرحلة وتداخلها مع المراهقة، وأما من يحرص على الحصول عليها من غيرهم فهو في الحقيقة لم يستطع أن يبرحها!! ومما يجدر ذكره في هذا السياق أن الخصوصية في الأرقام قد تكون عبئاً بل وبالاً على صاحبها حيث يتعرض للإزعاج إذا كان رقم هاتفه/ جواله مميزاً! أو داعياً لسرقة سيارته ذات الرقم المميز حيث يعلم اللصوص ان تميز هذا الرقم يدل على تورم صاحبه اقتصادياً!!وإلى أن يحين موعد الوعي نأمل أن لا يفتح المرور مزاداً في لوحات «السياكل» حتى لا يتنافس أطفالنا مع الهنود والبنغال بعد تنافسهم على الأرقام المميزة لبطاقات «سوا»!!!!
ص.ب 260564 الرياض 11342
|