«لا تفكر ولا تحتار.. كل عربي صبر ستار» كانت هذه العبارة تقريباً هي ما سأقترحه فيما لو طُلب مني أن أساهم في صياغة شعار يرفعه معظم أصحاب المواهب في عالمنا العربي، حيث كشف لنا برنامج السوبر ستار أن في عالمنا العربي جمعاً غفيراً من نجوم الصبر (صبر ستارز) الذين صبروا طويلاً وهم ينتظرون الدور لرعاية مواهبهم وتبني إبداعاتهم. ولم يكن العدد الهائل من الشباب والفتيات الذي تقدم ومازال يتقدم بكل ثقة للمنافسة على نجومية البرنامج إلا علامة، ولا أدل، على أنهم كانوا ينتظرون الفرصة بفارغ الصبر. لو تعامل عالمنا العربي مع مواهب أبنائه على جميع الأصعدة وليس على الصعيد الفني الغنائي فقط بالطريقة التي تعامل بها معهم في برنامج السوبر ستار لرأينا جيلاً مختلفاً وأمة مختلفة. فصناعة النجوم ليست صناعة مطربين فقط، إنما هي صناعة المخترع والباحث والعالم والمفكر. وصناعة الأصوات ليست مقتصرة فقط على صناعة أصوات يطرب لها العالم العربي ويتراقص عند سماعها، وإنما هي أيضاً صناعة أصوات تنطق بالقرار فتكون له كلمته المسموعة وتأثيره الفاعل على مستوى العالم. وعلى هذا فجميل بعالمنا العربي والإسلامي أن يراجع حساباته ويعيد النظر في تحديد من هو الأجدر والأحق بالرعاية. فالتشجيع والدعم والاهتمام الإعلامي الذي حظيت به مواهب الطرب في برنامج السوبر ستار كان سيؤدي حتماً إلى نتائج أعظم نفعاً وأكبر فائدة للأمتين العربية والإسلامية فيما لو تم استثماره في تطوير مواهب أخرى أسمى وأرقى من تلك المواهب التي تشبعنا بها منذ زمن.
إن التشجيع المعنوي الذي قدمته الدول لأبنائها في برنامج السوبر ستار لأمر يتمناه ويحلم به العديد من أصحاب المواهب في شتى أصقاع العالم العربي والإسلامي.فالتشجيع العادي الذي تقدمه أي شخصية لاتمثل إلا نفسها يساهم بقوة، ولايختلف اثنان، في تنمية الموهبة واستمرارها فما بالك بتشجيع تقدمه شخصية تمثل الدولة على أعلى مستوياتها؟، حتماً سيكون أثر التشجيع أكبر وأعظم ولا مقارنة. لقد كان اتصال الملك عبدالله شخصياً على الفائزة الأردنية ذات التسعة عشر ربيعاً لتهنئتها بالفوز دعماً معنوياً ولا أروع تقدمه الدولة لفتاة في ريعان شبابها جعلها تشعر بأنها لاتشرِّف نفسها أو عائلتها فقط، وإنما تشرّف دولة بأكملها.وشعور كهذا كفيل بأن يخلق نجاحاً ويزرع ثقة بلا حدود. أتساءل! كيف سيكون حال أمتنا الإسلامية والعربية لو لاقت مواهب أبنائها وبناتها في مختلف المجالات مثل هذا التشجيع الغير عادي وعوملت بنفس هذا القدر من الاحترام؟ أراهن على أن أمتنا ستكون «أمة غير» في غضون سنوات.
إن عالمنا العربي والإسلامي لا يخلو من صنّاع نجوم قادرين على توفير أدوات تطوير الموهبة ورعايتها. فلقد لاحظ متابعو برنامج السوبر ستار حجم الإمكانيات الهائل الذي سُخِّر لصناعة نجوم «المستقبل». حيث بدا واضحاً للعيان أن كل ما يحتاجه المتسابق متوفر ورهن الإشارة. لقد كان الدعم المادي الذي ناله المشاركون في برنامج السوبر ستار، وخصوصاً في مراحله النهائية، دعماً مادياً من الطراز الأول الأمر الذي قادهم إلى تقديم أفضل النتائج وتحقيق أكبر قدر من الاستفادة. ما يريد العديد من أصحاب المواهب الأخرى قوله هو أن أهل الفن والطرب ليسوا وحدهم من يستحق الدعم المادي وتوفير الإمكانيات. فالعديد من المواهب التي من شأنها أن تعلي كعب أمتها بين الأمم، أولى وأجدر بمثل هذا الدعم الذي أراهن على أنه سيؤدي إلى تحقيق نتائج باهرة وغير متوقعة ليس على المستوى الشخصي فقط وإنما أيضاً على المستوى الدولي والعالمي. وعلى هذا يكون السؤال: من هو الأولى والأجدر والأحق بمثل بهذه الإمكانيات المسبغة والدعم المادي الموفور؟ من شأن الإجابة الصريحة على هذا السؤال أن تساهم «بعنف» في صناعة نجوم لا يُفتقدون في الليلة الظلماء!
إن الاهتمام الإعلامي الجبار الذي لقيه المشاركون في البرنامج جعل شعوب العالم العربي تتفاعل بصورة كبيرة جداً مع مواهب الطرب وتحاول دعمها بشتى الوسائل والطرق. فلقد ظهر جلياً من خلال البرنامج الدور الكبير الذي لعبه الإعلام في تقديم الموهبة وإقناع الناس بالتفاعل معها ليس معنوياً فقط وإنما مادياً أيضاً. فلقد كان المعجب بالموهبة يقوم بالتصويت وهو يعلم أنه بتصويته هذا سيدفع من ماله الخاص مؤمناً بأن هذا هو أقل ما يمكن أن يُقدم لموهبة المستقبل.
في الحلقة الأخيرة فقط من البرنامج بلغ عدد الأصوات المشاركة ما يقارب الخمسة ملايين صوت. بصراحة، لا أعلم كم هو المبلغ المالي الذي كلفته الاتصالات المتكررة بغرض التصويت ولكن الذي أعلمه يقيناً أن هذا المبلغ الذي دفعته الشعوب، والشعوب وحدها، سيكون ذخراً كبيراً ورصيداً ضخماً لمواهب أسمى وأجدر بالرعاية لو تجرأ الإعلام العربي على أن يبرزها بالطريقة التي أبرز بها مواهب الفن والطرب. هل يجرؤ الإعلام العربي على تبني مواهب نفخر ويفخر بها أبناؤنا وأحفادنا من بعدنا؟ لا يملك حق الإجابة على هذا السؤال إلا الجهات والمؤسسات الإعلامية التي يهمها «المستقبل» الذي ستعيشه أمتنا!
إن نجوم الصبر من حولنا ما فتئوا ينتظرون بلهفة ذلك اليوم الذي يلقون فيه التشجيع والدعم والاهتمام الإعلامي الذي حظي به المشاركون في برنامج السوبر ستار. إنهم متفائلون بوصول الدور إليهم ولو بعد حين. أقولها وكلي أسى وحرقة: مساكين أنتم يا نجوم الصبر، يبدو أن صبركم سيطول، فمواهبكم لا علاقة لها بالفن والطرب!!
|