لماذا أرى خَلْفَ الدجى وجهَ حالمِ
وأبصر خلف النَّجم مقلةَ هائمِ؟
وأقرأ في وجه السحاب عبارةً
تقول: هنا أرض النَّدى والمكارمِ؟
لماذا أرى الأُفقَ الفسيح يلفُّه
غمامٌ متين النَّسج صَلْبُ التلاحُمِ؟
سؤال جرى خَلْفَ السؤالِ بلهفةٍ
فما راعه إلاّ وضوحُ المعالمِ
رأى جَبَليْ طَيٍ يقولان للدُّجى
أَجِبْ شاعرَ الفصحى إِجابةَ عالمِ
وحدَّثْه عن «سَلْمَى» التي هزَّ قلبَها
حنينُ «أَجَا» فاستيقظتْ عينُ نائمِ
هنا حائلُ التاريخ، يُنشدُ فجرُها
نشيداً فصيحَ النُّور عَذْبَ التَّناغُمِ
رأتْ حاتِمَ الجودِ المُحبَّ لميَّةٍ
يقول لها: لا ترفعي صوتَ لاَئمِ
أماوَيَّ ما يُغني الثرَّاءُ عن الفتى
إذا حشرجَتْ بالموتِ روحُ ابنِ آدَمِ
هنا وقف التاريخ كالطَّوْدِ شامخاً
أمامي، ولاحتْ لي طُيوفُ الأكارمِ
سلامٌ على أرضٍ رأى الجودُ وجهَها
مليحاً فأسقاها بماء الغَمائم
كأني بها تلوي إليَّ عِنانَها
تحدِّثني عن عَصْرِها المتقادمِ
تحدِّثني عن حاتمٍ وعطائه
وعن جَبَليْ طيّ وطيب النَّسائم
وعن ذاتِ عَقْلٍ أفصحتْ عن مكانها
لأفضل خَلقِ الله من آل هاشمِ
فسيَّرها محفوفةً برعايةٍ
وقد سرَّها ما حصَّلَتْ من مَغَانمِ
نعم يا بلاد الجود، ماضيكِ مُشرقٌ
وحاضركِ الميمونُ شَهْمُ العزائمِ
سلامٌ فإِني ما أزال أرى الَمدَى
يقرِّب من ذهني عديَّ بن حاتِمِ