إن مهمة المديرة في المدرسة هي مهمة صعبة جداً تحتاج إلى الحزم مع اللين والانضباط وتطبيق القواعد مع مراعاة ظروف المعلمات والفتيات وأولياء الامور حيث ان للمدرسة مهمة تعليمية وتربوية تمتد الى خارج المدرسة فتنعكس على المجتمع ككل.
وهناك من مديرات المدارس من أمضت في العمل كمديرة أكثر من عشرين عاما تدرجت فيها من مشرفة إلى سكرتيرة الى مساعدة ثم الى مديرة ولم تتلق في هذه الرحلة أي دورات تربوية بالاضافة الى المؤهل البسيط الذي تحمله، ولقد تغير الوضع الآن فبعض المديرات مؤهلات جامعيات ولديهن دورات في علم الاجتماع وعلم النفس وفي الاشراف التربوي، أما البعض الآخر فلم يستطعن تطوير أنفسهن بما يكفي لمواكبة ما استجد من تغيرات فهن على ما مضى من أسلوبهن في معاملة المعلمات والطالبات. وفي مدارس الأولاد بعد أن يمضي المدير أربع سنوات فإنه يحول الى مدرسة أخرى أو وظيفة أخرى فلماذا لا يكون الشيء نفسه بالنسبة إلى مديرات مدارس البنات حتى تعطي المتخرجات في الجامعات الفرصة لتطبيق كل ما تعلمنه في الجامعة من أساليب حديثة في إدارة المدارس ومعاملة الطالبات بصورة متحضرة. فليس من المعقول في القرن الحادي والعشرين ان يكون عقاب الطالبة الحبس في الحمام أو أمرها بالوقوف في الشمس أو صفعها على وجهها أو ضربها أمام الطالبات ومثل هذه الاساليب الخاطئة لا تترك أثرا جسمانيا فقط بل إن أثرها النفسي في الفتاة أشد وأقسى ويمتد لسنوات.
وهناك بعض المديرات يفضلن العقاب الجماعي فيطلبن من الطالبات جمع الريالات لعمل سيراميك في الفصل أو شراء مكيف للفصل وهذا الاسلوب يؤدي الى التمادي بدلا من معرفة البنات لخطئهن ومعالجته فالثمن ليس سوى بعض الريالات فلا بأس من التمادي.
واليوم كما لا يخفى على الجميع يشاهدن القنوات الفضائية ولم تعد أفكارهن بسيطة بل أصبحن يحملن أفكاراً متطورة ويجب على المعلمات والمديرة أن يعرفن كيفية التعامل مع هذه العقول الصغيرة التي تحمل أفكاراً كبيرة فهن من يشكلن تلك العقول ويطورنها الى الاحسن أو إلى الاسوأ ويوجهن السلوك فيهذبن أمهات المستقبل أو بمعنى آخر نصف المجتمع.
فهذه الاساليب القديمة البالية لم يعد تصلح لهذا العصر بل يحتاج الأمر الى طول البال من المعلمات والادارة ورحابة الصدر لاحتواء مشكلات الفتيات سواء في المنزل أو في المدرسة سواء كانت مشكلات اجتماعية أو دراسية وفهم التركيب الوجداني للفتاه فهي رقيقة كالنسمة عنيدة عند التحدي.
فالمديرة التي تعدّ نفسها صاحبة المدرسة فتعاقب المعلمات ويثيرنهن الشحناء والبغضاء ويعاملهن وكأنهن يعملن لديها في مشروعها الخاص يجب تغييرها بمديرة متعلمة تحمل على الاقل درجة البكالوريوس في الآداب أو علم النفس أو علم الاجتماع حتى تستطيع ان تتواءم مع التغيرات التي حدثت في المجتمع وتساير آخر ما وصل اليه العلم في إدارة المدارس كما يجب ان تحصل على عدة دورات في الاشراف التربوي وفي الادارة. وإذا كانت السنوات الاربع لا تكفي فإن السنوات العشرين لن تكفي ايضا لمديرة لكي تتعرف على أفضل الاساليب للتعامل مع المعلمات والفتيات بل إن البعض يمر عمرها كله وهي لا تعلم انها على خطأ. وبالطبع فإن عمليات التفتيش المفاجئ او الروتيني لا تكفي لمعرفة أخطاء الادارة فكل شيء يكون مرتبا والزيارات الفجائية تكون معروفة سلفا ولن تسأل الفتيات عن رأيهن في الادارة ولن تبوح المعلمات بما يدور من المديرة من أخطاء وممارسات.
وأخيراً فإن لجنة الاصلاح بوزارة التربية والتعليم تقوم بواجبها على خير وجه وإننا نهيب بها مراجعة وجود المديرات اللاتي مضى عليهن في العمل كمديرات ما بين خمس عشرة سنة وعشرين سنة - ولا بد ان يكون هناك أسلوب لمعرفة الممارسات غير المسؤولة التي تقوم بها بعض المديرات في معاقبة التلميذات - وهذا الاسلوب قد يكون عمل استبيانات سريعة بين الطالبات من دون ذكر أسمائهن حول نظام الادارة وأساليب العقاب بالمدرسة أو ارسال معلمات متدربات لمعرفة ما يدور في المدارس ومن ثم يكتبن تقاريرهن للاخذ بها في حركة تنقلات المديرات في بداية العام الدراسي من كل عام كذلك أهيب بالاخوة في مجلس الشورى الموقر ان يدرسوا هذا الموضوع أسوة بدراسة بعض الانظمة في بعض المصالح والمؤسسات الحكومية بما يخدم بنات ومعلمات هذا البلد المعطاء.
|