Friday 26th september,2003 11320العدد الجمعة 29 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يضرب بخمس ولا يأكل بملعقة.. يضرب بخمس ولا يأكل بملعقة..
والعظم في كفه اليمنى «يقرمشه»

والحديث عن الأَكَلَة ربما يكون ذا شجون، بدليل أننا لو أردنا الحديث في مجلس يضم عدداً من الأدباء حول الأَكَلَة لأسمعونا العجب العجاب مما قرأوه في كتب التراث التي لا تخلو من ذكر طرائف الأَكَلَة، وما كانوا عليه من حال، وذلك مثل ما روي من أن الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك الذي ولد عام 60هـ ومات غازيا عام 99هـ والذي كان يعدّ من خيار ملوك بني أمية، كان من الأَكَلَة المشهورين.
فقد قيل: إنه أكل في مجلس سبعين رمانة وخروفاً وست دجاجات ومكوك زبيب طائفي «تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 225، 226».
وقيل إن سبب مرضه أنه أكل «400» بيضة و«800» حبة تين و«400» كلوة بشحمها و«20» دجاجة، فَحُمَّ وفشت الحمى في عسكره وكان موته بالتخمة بمرج دابق رحمه الله «حياة الحيوان الكبرى للدميري 1/470». أما المشاهدة الحية التي أختص بروايتها، فملخصها أن مناسبة وليمة زواج جمعتني بأكول مهول رأيته بأم عيني وهو يجلس على صحن كبير يعلوه «مفطح» ومن حوله أصحن صغار مملوءة بأنواع الفاكهة والسلطات والحلوى، وكان لا يستخدم الملعقة ولا السكين فيما يتناوله مما في تلك الصحون، وإنما يخبط بيده، ويلقي في فمه اللقمات كما تلقى الأحجار في البئر، وفعل في الأرز و«المفطح» ما بهرني، بل شدني الى مواصلة النظر فيما يفعله.
ولما انصرفنا من القصر الذي أقيمت فيه الوليمة تحركت قريحة الشعر لرسم ذلك المشهد رسما حلمنتيشيا فقلت:


أبْني القصيدة إن لاحتْ مناسبةٌ
فيما ترى العينُ شعراً لا «أفشخشهُ»
من صَادِقِ القولِ لا زوراً يداخلهُ
أحكي الحقيقةَ في شعر أزركشهُ
في وصف ذاك الذي في الأكل أفزعني
قد أشبه الثورَ في البرسيم «يقحشهُ»
استبشرتْ مُذْ رأت عيني تَصَرُّفَهُ
قريحةُ الشعر فاسمع ما تُنَجِّشُهُ
يضربْ بخمسٍ ولا يأكلْ بملعقة
والعظم في كفه اليمنى «يعرمشهُ»
إن كان آخر ما في الصحن من لحم
فالعظم من بين فكيه سيجرشهُ
وكفه في نواحي الصحن طائشةٌ
كالأسود الصِّل مَنْ لاقته تنهشهُ
وهمه أن يكون الصحنُ ممتلئاً
وما يسمونه المثلوث يُنعشهُ
أخذتُ فيه أُجيل الطَّرفَ منبهراً
- أَلأُرْزُ - يَقُطُّهُ حيناً ويخمشهُ

***


بعداً له من أكيل - من يؤاكله
يخشى على كفه في الصحن يخدشهُ
كل الصحون الصغار جدّ نظفها
في لحظة كارتداد الطرف أرمشهُ
ما استبعد القشر من موز ولا عبساً
الخوخ يَلْحَقُهُ في البلع مِشْمِشُهُ
ما لاك في فمه تفاحةً أبداً
الجرع أَضمنُ حتى لا يُطَيِّشهُ
لو أنَّ أَلف ريال كان مصرفه
في اليوم راهنتُهُ أن لا يُعَيِّشهُ
فبطنه يشبه التنور ملتهباً
وكفه من صنوف الأكل تحمشُهُ
إذا تجشأ قلتَ الرعد جلجلهُ
تزاحم المزن في الأجواء ترعشهُ
تقيء من نتنه، إذا تجالسهُ
أو تلتقيه هنيهاتٍ تناقشهُ

***


تبقى الإشارةُ.. اني كنت مختصراً
لما رأت عيني، مما كان «يهرشهُ
ولو عددت لذي عقل شراهته
حتما سيفزعه وصفي ويدهشهُ

أحمد عبد الله الدامغ

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved