من يقرأ للبروتوكولات التي تدعى بروتوكولات حكماء صهيون يجد أن الفكر الصهيوني يُكِن عداء خفياً للحضارة الغربية وعداء ظاهراً للحضارة العربية فبشكل عام يحمل عداء أعمى للعالم كله ويبدو ذلك جلياً من خلال تلك البروتوكولات التي تسمى بروتوكولات حكماء صهيون.
وشئنا أم أبينا تقود الصهيونية الفكر الغربي دوما، ولذلك الحضارة الغربية بالرغم من إنجازاتها وبعض اللمحات الإنسانية فيها إلا أنها تظل منقادة للفكر الصهيوني وهو ما يظهر ويتبلور بوضوح دائماً في جميع المؤتمرات حيث تتبنى أمريكا وأوروبا وجهة النظر الصهيونية ويدافعون عنها دفاعاً مستميتاً.
وما كان وعد بلفور المشؤوم «بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين عام 1917م»، إلا ترجمة فعلية لتلك الحقيقة المرة.. التي أدت إلى حدوث واقع مأساوي أكثر مرارة..
فبعد أن أسس تيودور هيرتزيل الفكر الصهيوني عام 1896م وبعد أن أنشأ صندوق الائتمان اليهودي للاستعمار عام 1899م كان وعد بلفور هو الانطلاقة الفعلية لتحقيق حلم الصهاينة وبوضع معالم الدولة الصهيونية من النيل إلى الفرات معتبرين أن فلسطين هي الوطن الذي بلا شعب و اليهود هم الشعب الذي بلا وطن، وبدأ الصهاينة إقامة دولتهم بالاعتماد على وسيلتين أساسيتين الهجرة والاستيطان، وفي عام 1920م أنشئ الصندوق القومي اليهودي لتنفيذ المخطط الصهيوني وتمويل الاستيطان في فلسطين وبدأ تحويل فلسطين إلى وطن قومي يهودي.
ثم جاءت الزلة الشهيرة للرئيس الأمريكي ترومان عام 1948م بقيام الدولة العبرية في قلب الوطن العربي، وبالرغم من أن ترومان أعلن صراحة في مذكراته التي نشرت وكتبها في آخر أيامه عن كراهيته الشديدة للدولة العبرية وممارسات قادتها وعن أسفه الشديد لتلك الزلة، لكن ذلك الندم وتلك الصحوة جاءت متأخرة كثيراً.. ولم تفد الملايين من المشردين الفلسطينيين في أنحاء العالم شيئاً ولم تفد القابعين من الشعب الفلسطيني تحت سطوة المحتل والجبروت والإرهاب الإسرائيلي شيئاً...
وما أعلنه الاتحاد الأوروبي مؤخرا عن إدراجه منظمة «حماس» في قائمة الإرهاب يعطي مزيداً من الضوء الأخضر لشارون «بطل المجازر» ليستمر قدما في سياسة الاغتيالات وتنفيذ مخططاته الإرهابية.. ويعلم الاتحاد الأوروبي كما يعلم العالم أجمع، أن فلسطين بلد مغتصبة أرضه، ومقاومة المحتل أمر كفلته كافة الأعراف والقوانين الدولية المتعارف عليها وأن هناك عشرات القرارات في مجلس الأمن فيما يخص إسرائيل لم تطبق ولم تنفذ بسبب الفيتو الأمريكي الدائم لحماية إسرائيل، ولماذا لم يدنِ الاتحاد الأوروبي مجازر شارون ولم يتهمه بمجرم حرب وبالإرهاب وهو زعيم مافيا الاغتيالات ويقف موقف المتفرج الأخرس دائماً حيال قضايانا العادلة، بينما يستطيع الاتحاد الأوروبي اتهام منظمة حماس بالإرهاب؟ وأجد سؤالا يطرح نفسه هنا، هل إسرائيل كانت بحاجة لهذا الضوء الأخضر من الاتحاد الأوروبي؟؟ ألم يكفها ما لديها من فيتو أمريكي دائم في مجلس الأمن لحمايتها وما لديها من ضوء أخضر فاقع أمريكي.. لجميع ممارساتها الإرهابية؟؟؟؟
لقد تذكرت قصة بينوكيو Pinokio تلك القصة التي قرأناها ونحن أطفال لنتعلم بشاعة الكذب كما يتذكرها الشعب البريطاني والأمريكي كثيراً الآن.. «تلك القصة التي تحكي عن صبي كثير الكذب ويتقن الخداع فأراد الله أن يعاقبه، فجعل أنفه يتمدد كلما تفوه بكذبة وقام بعمل مخادع، حتى يصبح أنفه في بعض الأحيان وقد تجاوز المتر نتيجة تكراره لذلك الكذب والخداع» فلقد وضع البريطانيون أنف بينوكيو الشهير وقد تجاوز المتر لصور توني بلير وأحاطوا المحكمة التي كانت تستجوبه يوم 28 أغسطس بتلك الصور الساخرة إلى جانب حملهم لافتات تحمل عبارات أكثر سخرية، وشاهد العالم ذلك عبر الفضائيات، والاتهام الذي كان يواجهه بلير في المحكمة البريطانية هو عن تضخيم ملف الأسلحة العراقية وعن أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة والتي اثارته من قبل البي بي سي وعن خلفية انتحار خبير الأسلحة البريطاني «ديفيد كيلي» وبصرف النظر عمّا قاله الأستاذ أنيس منصور في زاويته بجريدة الأهرام يوم 27/8/2003م انتحر ديفيد كيلي أم انتحروه؟؟؟ فكل من الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير نجحا إلى الآن في إيجاد كبش فداء لهما بشأن ملف تضخيم الحقائق فيما يتعلق بأسلحة العراق المزعومة للدمار الشامل لتبرير حربهما فلقد ألقى الرئيس الأمريكي بالمسؤولية على مسؤول السي آي إيه، والآن توني بلير يلقي بالمسؤولية على خبير الأسلحة البريطاني ديفيد كيلي.. ولقد أجاد الشعب البريطاني التعليق على ذلك وعلى تلك التهم الموجهة لتوني بلير كما أجاد «مايكل ميتشر» وزير البيئة السابق في حكومة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في مقاله المنشور بصحيفة الغارديان، والذي قال فيه حرفياً: «إن الحرب التي تشنها واشنطن ضد الإرهاب تستخدم غطاء زائفاً لتحقيق أهداف أمريكية سياسية استراتيجية أوسع نطاقاً والحرب على الإرهاب تحمل «خرافة سياسية» انتشرت لتمهيد الطريق أمام أجندة تهدف من ورائها واشنطن الهيمنة على العالم بالسيطرة على إمدادات النفط المطلوبة لتحقيق المشروع برمته ويضيف مايكل ميتشر أن هجمات 11 سبتمبر خلقت سياقاً لمهاجمة أفغانستان، والولايات المتحدة كانت تنوي فرض السيطرة العسكرية على منطقة الخليج سواء كان صدام حسين على رأس السلطة في العراق أم لا.. ويتهم السلطات الأمريكية بأنها لم تقم بشيء لإجهاض أحداث 11 سبتمبر، معلناً أن تقريراً للمخابرات حذر في 1999م من أن مفجرين انتحاريين من القاعدة ربما يهاجمون بطائرات محملة بالمتفجرات البنتاجون أو مقر وكالة المخابرات الأمريكية أو البيت الأبيض.. ويقول مايكل ميتشر بالرغم من أن القانون الأمريكي ينص على إرسال مقاتلة حربية لاستطلاع الأمر بمجرد خروج طائرة عن البرنامج المقرر لرحلاتها، إلا أنه لم يتم إرسال ولا مقاتلة واحدة.. حتى بعد اصطدام الطائرة الثالثة بالبنتاغون..».
والآن بفضل احتلال العراق من قبل أمريكا وبريطانيا وفرض سيطرتهما عليه تحاول الشركات الإسرائيلية أن تنجح في دخولها مشاريع إعمار العراق ولتشتري الأراضي لنجني من وراء ذلك كارثة أخرى وهي ضياع المزيد من الأراضي العربية لصالح العدو الصهيوني......
إننا أمام مخططات لمافيا من البينوكيو يجيدون الكذب وإلقاء التهم وإعداد الملفات وتزييف الوقائع والحقائق، وممارسة أعتى صور الإرهاب في سبيل تحقيق مخططاتهم.... التي لا يعلم إلا الله إلى أين ستصل.....
وقفة:
أقدم الشكر للأخ سليمان بن فهد المطلق على ما نشر في عزيزتي الجزيرة يوم الجمعة 1 من رجب 1424هـ تعليقاً على مقالي «المرأة السعودية.. والتحديات» الذي نشر يوم الأحد 26/6/1424هـ كما أقدم الشكر للأخ ناصر بن عبدالعزيز الرابح على ما نشر في صفحة عزيزتي الجزيرة ليوم السبت 16 رجب 1424هـ تعليقاً على نفس المقال المذكور، إن ما نشر أعتز به كثيراً لأنه بأقلام إخواني من أبناء وطني الغالي.
*عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
فاكس: 6066701
ص.ب: 4584
جدة 21421
|