«الفضاء».. كلمة كان لها سحرها الخاص عندما رسمتها طفولتنا مشرقاً لكل جديد ونبعاً لكل غريب، لكنها اليوم أصبحت بوابة المفاجآت ورحم كل جديد خارج الأقواس.. كما كان «الفضاء» رمزاً للاتساع واللا محدود في قاعة الدرس ولكنه في عصر «الفضائيات» العربية طبعاً.. التي سرقت منه اتساعه، فحولته ببرامجها النمطية إلى أضيق من عنق الزجاجة، وحرمته النقاء الفضائي وحولته بملوثاتها الإعلامية الى مصدر كدر على مختلف المستويات، لقد أصبحت رمزاً للتشويش.
رقص.. غناء.. اقتحام.. انتقام.. جدال.. هروب.. مغامرة.. صراخ.. هذه مفردات السياق الفضائي العربي الذي ساهم في التشويش على حركة العقول العربية المسكينة التي لم تنجح بعد في صياغة مشروع توافقي بين واقعها المزري وفضائها المتحلل وتاريخها المشرق، ليست هذه شكوى فقط لكنها محاولة لرسم خارطة الفضاء الذي نعيشه وستعيشه أجيالنا القادمة، إذا استمر إعلامنا العربي بهذا الانحدار نحو جحيم اللا هوية، وحتى لا تكتحل عين القارئ لهذه السطور بالسواد فقط، أقول: هناك «بصيص» أمل وزارية انفراج لواقعنا الفضائي العربي ولكن السؤال المشروع مع قلة المحاولات الجادة وندرتها متى يتعانق واقعنا الفضائي مع فضاء الواقع في عالمنا العربي من أجل الخروج بمشروع حضاري شامل يليق بعبق تاريخنا المجيد ويكفل لأجيالنا المعاصرة الانعتاق من عنق الزجاجة، أخيراً، هل لنا أن نحلم بفضاء نقي، يكفل لنا النقاء مجرد النقاء.
|