Thursday 25th september,2003 11319العدد الخميس 28 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

15-11-1390هـ/ الموافق 12-1-1971م/ العدد 327 15-11-1390هـ/ الموافق 12-1-1971م/ العدد 327
خطرات
بقلم: محمد عبدالعزيز الحلواني

إن الصحافة اليوم - والحق يقال - قد بلغت من الناحية التكنية شأوا بعيداً، ولكنها لا تكاد تقيم لشؤون الفكر والثقافة وزناً، فالخبر قوامها والاثارة هدفها ولا بد من الاثارة في كل صباح، ومن هنا كان الحرص على الغرابة وعلى اقتناص الشاذ والمثير من مقوماتها الرئيسية، إما الخبر في ذاته فقد يصادف ألا ينطوي على الاثارة الكافية وعندئذ لا بد من مقدار من التحوير والاختلاق والخيال ليبدو الخبر جذاباً، فيتصدر الآن في واجهة الجريدة بحروف ضخام حمراء تكاد ترى من الطائرة، أما مكان الافتتاحية فقد احتلته صورة كبيرة وكأنها تتوج الصفحة الأولى لتغني عن كل نقد وتحليل ومحاكمة والآن تُروجُ الجريدة، وقد تتخاطفها الأيدي، كما ُتروجُ كل يوم كتب ومؤلفات من مصرفها لا حصر لها وياله من غذاء فكري وزاد ثقافي.
أنها المأساة أن ينقل قارىء اليوم كما يبدو لي ويقرأ إمام ناظري أنه ينقل قارئ اليوم طرفة، من صورة إلى صورة يقلب صفحات المجلة دون أن يجشم نفسه قراءة ما فيها، شأن الرجل الأمي الذي ليس عليه إلا أن يفتح عينيه ويتمتع بناظريه، إنها المأساة أن يفعل قارئ القرن العشرين كما يقولون ما يفعله الطفل حين يبلل أصابعه ليقفز بعيونه الزائفة من صورة إلى صورة دون أن يلوي على شيء من الصفحات المكتوبة.
وأنها المأساة ألا يستطيع المرء المتحضر تذوق قصائد الشعر في إحدى زوايا الإذاعة إلا مصحوبة بألحان الموسيقى أو أن يضحي بالحضور إلى حفل خطابي أو مهرجان أدبي لعلمه بأن رقصات معينة سوف تتخلله أو أن يوافق على سماع محاضرة بعد أن ترامي إلى سمعه أنها ستعقب بعرض بالفانوس السحري وكأن الجماهير أطفال صغار وطنوا أنفسهم على تجرع الدواء طمعاً في الحلوى.
على أن المجتمع العربي ليس المجتمع الوحيد الذي يعاني أزمة في وعيه الثقافي وان كانت مظاهر هذه الأزمة فيه أشد خطورة ونحن لسنا وحدنا المنكوبين بهذه المحنة بعد أن بسطت الآلة سلطانها على الأمم كافة، وقد أعرب مفكرون كبار عن بالغ قلقهم وتشاؤمهم عن مستقبل الفكر والثقافة ولطالما شكا أمثال «جورج ديهاميل» في كتابة «دفاع عن الأدب» سوء حال الكتاب وكساد الفكر في فرنسا، ولي معكم لقاء.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved