|
|
في مثل هذا اليوم من كل عام، يتذكر العرب والمسلمون بعامة، والسعوديون بخاصة ذلك اليوم الأغر الذي امتن الله فيه -عز وجل- على الإمام المجاهد الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود- رحمه الله- بإتمام توحيد أرجاء الجزيرة العربية، وجمع شتاتها تحت لواء «لا إله إلا الله محمد رسول الله» سالكاً في ذلك طريق الرسول -صلى الله عليه وسلم- منهجا ودستور حياة، ينطلق منهما في كل خطوة يخطوها، وفي كل شأن من شؤونه صغيراً كان أو كبيراً، كما يتضح لمن قرأ، واطلع على سيرة هذا الإمام المجاهد؛ لأن كتاب الله -عز وجل- هو أفضل الكتب، وأعظمها، كما قال تعالى: {)وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) (المائدة:48)} {إنَّ هّذّا القٍرًآنّ يّهًدٌي لٌلَّتٌي هٌيّ أّقًوّمٍ } [الإسراء: ] وفيه بيان لكل ما يصلح البشرية في دينها ودنيها، كما قال تعالى {وّنّزَّلًنّا عّلّيًكّ الكٌتّابّ تٌبًيّانْا لٌَكٍلٌَ شّيًءُ وّهٍدْى وّرّحًمّةْ وّبٍشًرّى" لٌلًمٍسًلٌمٌينّ (89)} [النحل: 89] .وقد كان لهذا المنهج المبارك الفضل - بعد الله تعالى- في استتباب الأمن، وانتشار العدل والطمأنينة، فاتجهت الهمم والعزائم إلى ساحات البناء والتشييد، وشمرت السواعد للعمل في ميادين الحضارة والإعمار، حتى صارت هذه البلاد الآمنة في مدة قصيرة دولة عظيمة، يجد فيها الإنسان مظاهر التقدم والتحضر والازدهار واضحة في جميع المجالات، مع المحافظة على المبادئ والقيم الإسلامية الراسخة حتى بلغت في عهد الملك الباني خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- منزلة عظيمة، وتبوأت مكانة رفيعة على المستوى الدولي، والعربي والإسلامي. ولم تقتصر ثمار هذا التوحيد على المملكة العربية السعودية، فمعلوم أنه قبل توحيد المملكة كانت الفوضى عارمة في الجزيرة العربية، وانعدم الأمن والأمان، وكان الحجاج المسلمون والمعتمرون والزوار معرضين لجميع أنواع المخاطر من القتل والسلب والنهب، فلما وحّد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- أرجاء المملكة، صار كل حاج ومعتمر وزائر من جميع أنحاء العالم يؤدي مناسكه، وهو آمن مطمئن على نفسه وماله وعرضه، كما أن عشرات المليارات التي أنفقتها وتنفقها المملكة على توسعة الحرمين الشريفين، وعلى تطوير البنى التحتية للمشاعر المقدسة، إنما أنفقتها من أجل أن يؤدي المسلمون كافة مناسكهم في أمن وراحة واطمئنان. وليس المراد باليوم الوطني هو التغني بأمجاد أسلافنا، والافتخار بالآباء، والاعتزاز بمنجزاتهم فقط، بل إن الحكمة من اليوم الوطني هي استذكار جهود الملك المجاهد عبدالعزيز، وجنوده -رحمهم الله- وجهادهم، وبذل النفس والنفيس، وركوب المخاطر، وتحمل المشاق العظيمة، في سبيل توحيد هذا الكيان الكبير، خدمة للدين، وصيانة للمقدسات الإسلامية، وان ذلك كله يلقي علينا مسؤولية عظيمة، ويحملنا أمانة جسيمة، وانه يجب علينا أن نبذل مثل ما بذلوا، ونبني مثل ما بنوا، للمحافظة على منجزاتهم، والإضافة إليها، والبناء عليها. ويأتي اليوم الوطني للمملكة هذا العام في ظل متغيرات إقليمية خطيرة، ومستجدات عالمية جسيمة، والمملكة -بحكم موقعها الديني والجغرافي، والاقتصادي- مستهدفة من كثير من أعداء الإسلام، يحاولون الكيد لها، والنيل منها، لأنهم يدركون أن هذا البلد الأمين هو قبلة الأمة الإسلامية ومهوى أفئدة المسلمين، وهو -أيضاً- قلب الأمة العربية. كما يأتي هذا اليوم، وقد امتدت يد الإرهاب الآثمة مرة أخرى إلى رياض المجد والعروبة والإسلام، وإلى أقدس المقدسات، وهذا يستوجب من جميع المواطنين أن يلتفوا حول ولاة الأمر، لتقوية الجبهة الداخلية، والاعتصام بحبل الله جميعاً، وعدم التفرق، واستلهام الدروس، والعبر من سيرة الملك المجاهد -طيب الله ثراه- في مواجهة التحديات، والتغلب على الصعاب، بإذن الله وعونه. أسأل الله أن يحفظ هذه البلاد المباركة، وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، وأن يرد كيد الكائدين إلى نحورهم. وصلى الله على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |