لا يزال التصنيع القائم في مجال التمور محدوداً وتقليدياً ودون الطموح.. ولا تملك منتجاتها قدرة منافسة ما هو مطروح في الأسواق لعدم جودة تغليفه.
إن عملية تصنيع التمور تتطلب جوانب هندسية لكيفية معالجة التمور وتصنيعها فالأمر يحتاج لعمليات فرز وتصنيف التمور التي لا تزال تعتمد على أيدي العمالة وكذلك التخزين في مستودعات التبريد التي تتطلب بدورها الاهتمام بها من حيث التحكم في نسبة الرطوبة التي تؤثر على جودة التمور أثناء التخزين وكذلك عمليات الغسيل والتنظيف وعملية التخفيف السطحي والفرز والتدرج النهائي وعمليات نزع النوى في مصانع التمور التي تنتج معاجين التمور هذه هذه الطريقة الصحيحة للتصنيع.. ولكن المصانع الموجودة حالياً دون المستوى المطلوب. وكذلك العمليات غير التحويلية للتمور إذ لا تزال عملية كبس التمور وتعبئتها تتم بطريقة يدوية وبدائية جداً.
ورغم نجاح المملكة في إنتاج منتجات التمور مثل السكر العالي الفركتوز الذي يستخدم في صناعة الأغذية والأدوية والمشروبات الغازية والعصائر والمربيات والجلي والحلوى الطرية، إلا أنه يتطلب من المصانع الاهتمام بكافة مراحل الإنتاج والتصنيع والتخزين ومن ثم تطوير صناعة التمور لتكون ذات تقنية عالية.
إن الانطباع العام على أن تكلفة صناعة التمور غالية وأن التجار والمزارعين هم المستفيدون من هذا الغلاء أمر غير صحيح إذ أن مرد ذلك هو أن تقنية صناعة التمور مكلفة.
إن نجاح تجربة الجمعيات النسائية في تونس على سبيل المثال لضمد التمور وتعليبها يدوياً دون وجود مصانع حديثة.. قد تكون هناك أسباب موضوعية وراء نجاحه كمحدودية الإنتاج. وطرحه كمنتج دون طموح في المنافسة. وحتى المصانع القائمة عندنا ليست مصانع حقيقية وإنما هي في حقيقتها مصانع للتين.
ولذلك فإن الحديث عن تصنيع التمور يتطلب تقنية تساعد في عمليات إنتاجه المتعددة حتى يصبح منتجاً منافساً. فحتى يكون لاقتصاديات النخيل مردودها الفاعل كرافد هام وحيوي للاقتصاد الوطني فإن الأمر يتطلب الاتجاه العلمي المدروس لكل ما يحيط بشجرة النخيل زراعة بدءاً من وقف التوسع غير المدروس في زراعته ومحاولة التخلص التدريجي من أنواع فسائل النخيل والاتجاه لإحلال فسائل ذات جودة وتكثيف التوعية بأهمية التمور وفتح منافذ تسويق خارجية والدخول في استثمار مشترك في مجالها ووجود هيئة مختصة للتمور.
إن التصنيع المنشود للتمور له متطلبات ينبغي أن تتوفر حتى يتحقق هذا الهدف. ويجب الانتباه إلى أن ثمة توجهات داخلية نحو إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني الأمر الذي يتطلب أن تكون اقتصاديات النخيل أحد المصادر المحققة لإعادة الهيكلة.
كما أن انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية الذي بات وشيكاً يتطلب بدوره صناعة قادرة على المنافسة من حيث جودة التمور المصنعة ومن حيث الاستفادة القصوى من منتجاتها الصناعات الغذائية والمشروبات كبديل ناجح للمستورد، إذ يمكن أن تدخل في تصنيع العناصر والألبان والمربيات ومعجنات الفطائر بدلاً عن السكر إذ ستصبح الأسواق مفتوحة أمام تدفق السلع والخدمات .. والاهتمام بجودة التمور والتغليف لتهيئة قدرة المنافسة.
إن التصنيع اليدوي قد لا يحقق طموحات التصنيع المرجوة في المملكة ولا يتوازى مع حجم المنتج ولا يقوى إنتاجها على المنافسة.. ولا يحقق الاستفادة الفعلية من التمور زراعة وصناعة في رفع كفاءة الاقتصاد الوطني عبر تصديره دون إغفال الاستفادة من الجهود السابقة التي حققت تقدماً ملموساً لهذه الصناعة. إن التوجه نحو الصناعة الحديثة القائمة على التقنية رغم ارتفاع المنتج عن طريقها إلا أن ذلك يعتبر متطلباً أساسياً لتفعيل أن تصبح التمور منتجاً عالمياً يدعم الاقتصاد الوطني.
وبقراءة في سجل إنتاج المصانع القائمة نجد أن نسبة الإنتاج ضئيلة إذ تبلغ (15%) من إجمالي الإنتاج المحلي ويعمل من هذه المصانع أقل من نصفها المصدق البالغ (49) مصنعاً والبالغ إنتاجها 91 ألف طن فيما كان مقدراً لجميع المصانع المرخصة طاقة إنتاجية قدرها 140 ألف طن بنسبة 24% من إجمالي الإنتاج المحلي.
|