يعمل معظم صانعي السيارات وموردي الأنظمة على تبسيط آلية عمل الأنظمة الإلكترونية المعقدة، بالرغم من أن شرح عروض هذه التقنيات يكون معقدا في بعض الأحيان، لدواع تسويقية لإبراز تفوقها التقني مع المنافسين، ولتبرير هامش الربح المطلوب تحقيقه، في بدايات إطلاق هذه التقنيات الجديدة، قبل هبوط كلفة إنتاجها ثم أسعارها في وقت لاحق.
وما يلفت النظر في تقنية جنرال موتورز المعروفة منذ العام الماضي، والمطورة مع شركة ديلفي هي البساطة المتعمدة في عرض تقنية نظام التعليق الإلكتروني الكهرامغناطيسي المسمى تسويقيا بالتحكم المغناطيسي بالتعليق إم آر سي (MRC) وعلى الرغم من خضوع النظام الذي تسميه ديلفي من جانبها ماغنيرايد MagneRide لعدد لا يستهان به من أجهزة الرصد الموزعة في السيارة.
يبقى العرض واضحا ومبسطا، ويتشكل نظام التعليق الجديد من سائل يتضمن جسيمات حديد صغيرة جدا تتفاعل مع الحقل المغناطيسي الناشئ من تيار كهربائي متبدل باستمرار لتبديل لزوجة السائل الهيدروليكي وبالتالي تنتج قسوة التعليق أو لينه حسب ظروف القيادة، وقد أطلق هذا النظام في عدد من موديلات المجموعة الأمريكية العام الماضي مثل كاديلاك سيفيل، ثم أطلق في شيفروليه كورفيت هذا العام. وسيكون في موديلي كاديلاك كروسوفر SRX ورودستر XLR.
النظامان القديم والجديد
حل نظام MRC الجديد محل نظام التعليق السابق لدى جنرال موتورز. والذي عرف حتى العام الماضي بتسمية نظام التعليق المتحسس للطريق باستمرار. CVRSS مع فارق مهم بين الاثنين، ففي نظام التعليق المتحسس للطريق باستمرار يعتمد مثل أنظمة التحكم الإلكتروني المشابهة لدى الماركات الأخرى، صمامات كهربائية - ميكانيكية مهمتها تضييق معبرالزيت داخل أسطوانة التخميد أو توسيعه لتقسية التعليق أو تليينه باستمرارحسب برمجة وحدة التحكم الإلكتروني بالتعليق، أما نظام إم آر سي الجديد فإنه يستغني عن الصمام الداخلي وعن عدد من القطع الصغيرة التابعة له، ليكتفي بسائل جديد على تقنية أنظمة التعليق.
ويعرف بتسمية السائل المتبدل التمغط واللدانة واللزوجة بفعل الحقل المغناطيسي (MR) نسبة إلى علم تدفق المادة Rheology الذي يعتني بدراسة مواصفات التمغط واللزوجة واللدانة.
سر السائل الجديد
يتضمن الزيت المركب الذي وصل حديثا إلى صناعة أسطوانات التخميد جسيمات (أجزاء صغيرة جدا) حديدية iron particles منتشرة في زيت كرب وني مركب وسائل تماما في الظروف العادية. وفور نشوء حقل مغناطيسي عابر للزيت، تتشكل الجسيمات الحديدية في ما يشبه شرائح متلاحقة، فيبدو وكأن الزيت أصبح بكثافة أسمك من المألوف.مثل الهلام (جيلي)و علما بأن طبيعة الزيت بالذات لا تتغير، بل هي حالةالجسيمات الحديدية التي تبدل كيفية تفاعل المزيج الزيتي/ المعدني مع الضغوط.
فتصبح اسطوانة التخميد أكثر مقاومة للضغوط. وأقل لينا بالتالي. حتى توقف التيار والحقل المغناطيسي الناشئ عنه، وتعود ولادة الحقل المغناطيسي وزواله إلى ملف حث كهربائي electric coil مركب في وسط مكبس piston كل من أسطوانات التخميد الأربع. ويتلقى التيار الكهربائي (وهو ما يشيع الحقل المغناطيسي) فينقل الزيت من حالة إلى أخرى بسرعة جزءألفي من الثانية الواحدة، وهي سرعة تصل إلى خمسة أضعاف تلك التي كانت متاحة مع النظام السابق المتحسس للطريق باستمرار.
أما ما يقرر إرسال التيار الكهربائي البسيط (يتطلب قوة كهربائية أقل من أنظمةالتعليق الإلكترونية ذات الصمامات الإلكتروميكانيكية) فهي المعلومات الواصلة الى وحدة التحكم الإلكتروني المعنية، من أجهزة رصد سرعة كل من العجلات، ووضعية المقود، ودرجة الشد الانعطافي للهيكل، ودرجة تمايله الجانبي والغوص/ الجموح، ودرجة الحرارة الخارجية، وتبعا لتلك المعلومات، ترسل وحدة التحكم الإلكتروني معلوماتها إلى كل من أسطوانات التخميد الأربع، ألف مرة في الثانية الواحدة، حسب البرمجة المدخلة أصلا لمختلفة السيناريوهات الممكنة.
فوائد النظام
تبرز الفائدة الأولى من نظام الرصد المستمر لظروف الطريق ولأسلوب القيادة، في تفاعل الهيكل مع القيادة الديناميكية في المنعطفات، بتقسية التعليق نسبيا لتخفيف التمايل الجانبي، إضافة إلى تفاعله حتى مع حدبة أو ثغرة واحدة تحت أي من الإطارات الأربعة.
للمحافظة على الاتصال المستمر بين كل من الإطارات وبين الطريق، مع زيادة مستويات الراحة بتليين التعليق وتنعيم السلوك وتخفيف ضجيج السير في القيادة الهادئة حتى على طرقات سيئة لأن تلك القيادة ليست سريعة ورياضية، بل تتطلب امتصاص الحدبات والثغرات، أو في القيادة على الطريق السريع في
خط مستقيم.
ومن الفوائد الأخرى للنظام الجديد امتصاص قسم أكبر من الارتجاجات المرشحة للانتقال من نظام التعليق إلى المقصورة، إضافة إلى تسهيل مهمة وسائل حماية الفاعلة الأخرى، أي أنظمة منع الانزلاقات الكبحية والدفعية وبرامج التحكم بالثبات، بإعادة السيارة إلى ظروف القيادة الطبيعة في أسرع المهل الممكنة، إضافة إلى سلامته التامة في حال تعرضه لخلل، إذ يستمر أداء نظام التعليق عندها بطبيعة الزيت الأساسية، أي من دون التقسية عند الضرورة، مع إبلاغ السائق بالخلل بواسطة مؤشر خاص.
الآمال والمستقبل
عرفت التقنية الجديدة في أكثر من ميادين فبالإضافة إلى صناعة مخمدات السيارات السياحية يتم استخدامها لإنتاج مخمدات تحت مقاعد سائقي الشاحنات الكبيرة والباصات، وكذلك وسائل حماية الأبنية العالية من الهزات الأرضية، إلى الجسور والأعضاء البشرية الاصطناعية،
وصولا حتى إلى الصناعات الحربية لمدفعية الميدان والبحرية.
وهذه التقنية مرشحة أيضا للعب دور متزايد في عدد من التقنيات المقبلة. بما فيها أجهزة التوجيه الإلكترونية steer-by- wire وذلك لمنح المقود ردود فعل تعطي السائق فكرة عن طبيعة الطريق تحت عجلتي التوجيه، مع استخدامات مشابهةومتوقعة أيضا في دواسات القيادة أو مقابض القيادة في السيارات المقبلة، لإشعار قدم السائق أو يده بمجريات الأمور عندما لا يعود هناك أكثر من أسلاك كهربائية - إلكترونية تربط بين وسائل التحكم وبين أدوات تنفيذها ميكانيكيا، إضافة إلى أدوار أخرى في صيغ مختلفة للمكابح وأقراص التعشيق وغيرها.
الجوائز التي حصل عليها
تعتبر جنرال موتورز أولى شركات السيارات في تسويق التقنية الجديدة في هذه الصناعة، وشركة ديلفي أولى الشركات الموردة التي تنتجها. أما الشركة المنتجة للسائل المتبدل التمغط واللدانة واللزوجة بفعل الحقل المغناطيسي أو السائل الماغنيتوريولوجي فهي شركة لورد الأمريكية التي تطلق على السائل تسمية ريونيتيك.
ونالت تقنية اسطوانات التخميد الجديدة عدة جوائز منها جائزة مجلة بوبولارساينيس الأمريكية لأفضل تقنية جديدة أطلقت في صناعة السيارات في العام الماضي، وجائزة مطبوعة أوتوموتيف نيوز المتخصصة بايس « PACE 2003» لتفوق فاعليتها على أنظمة التعليق الإلكترونية الضبط الأخرى المعتمدة للصمامات الكهربائية الميكانيكية، وقلة تعقيدها وكلفتها، إضافة إلى جائزة مجلة أوتوموتيف إنجنيرينغ إنترناشونال للعام 2002م.
|