Thursday 25th september,2003 11319العدد الخميس 28 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في الاقتصاد في الاقتصاد
صور الاستهلاك العالمي الجديد
د. سامي الغمري

مهدت بضع مئات من الشركات العالمية لبزوع نظام اقتصادي عالمي، منذ النصف الثاني من القرن الماضي، بشكل ملحوظ، وتمثل هذه الشركات في صناعتها قوة اقتصادية يزيد في بعض منها حجمها المالي حجم دول ذات سيادة وحدود، وصاحب زيادة الحجم الانتاجي لها تغير كبير ليس في المظهر الداخلي والخارجي لمنشآتها، ولا في هوية ونوع العمل لها فحسب، بل في توحيد صور الاستهلاك العالمي خلال العقدين الماضيين، ومع اعلان مظاهر حلول عصر جديد في تاريخ العمل والانتاج والاستهلاك كان الاتجاه الاستثماري العام لها واضحا في استبدال المواقع التقليدية بمواقع أخرى ناشئة متفرقة حول العالم، وتتم خلالها عمليات التوزيع والانتشار التسويقي والحصول بالموارد الطبيعية في آن واحد، ورغم نجاحها في الانتشار إلا انها أوجدت مواقع ثانوية منافسة لها فاليوم نشاهد ملايين البشر يتنافسون مع الآخرين المقيمين على الوجه الآخر من الارض للحصول على وظائف عمل كانت محصورة في مواقع الصناعة والزراعة في 24 دولة صناعية متقدمة ومتمركزة في غرب قارة أوروبا وشمال قارة أمريكا واليابان.
إن الشركات العالمية لها القدرة الكبيرة على التحرك الى أي مكان وصنع أي منتج وتقديم أي خدمة، وكل هذه التيسيرات تحقق لها أعلى ربحية، ولكنها تغيرات تؤدي ايضا الى كثير من المخاطر والخسائر المالية لتكالبها على الاسواق العالمية، فكانت النتيجة النهائية الحتمية لذلك حدوث مناخ اقتصادي عالمي متذبذب غير مستقر قسمت فيه مناطق الانتاج وعمالها وفقا لنمط عالمي هو أكثر تعقيدا مع ما عرفته البشرية سابقا فقد صنفت الاقاليم الانتاجية والعمالية الى مجموعات دول منها صناعية غنية متقدمة ومنها دول صناعية نامية ناشئة، ومنها دول بترول ومنها دول فقيرة وأخرى معدمة، وبناء على هذا الانتشار والتصنيف الجغرافي فإنه يتوقع ان تحدث تغيرات كبيرة في مواقع العمل بين المجموعات السابقة عند تنافس مئات الملايين من البشر المقبلين على سوق العمل في الدول النامية أو الفقيرة خلال السنوات القليلة بشكل مباشر مع عمال الدول المتقدمة صناعيا لانتاج نفس السلع والبضائع وتقديم ذات الخدمات.
إن القرارات الاستثمارية المتخذة في أماكن تبعد آلاف الأميال تؤثر مباشرة على ما يأكله وما يلبسه الناس، وإنتاج الغذاء العالمي من كميات مخزون الحبوب زاد بفضل الميكنة والاسمدة الكيماوية إلا ان توزيعه غير المتوازن وضع كثيرا من المخزون الغذائي العالمي خارج متناول مئات الملايين حول العالم، وأصبح واضحا ان الشركات التي تعمل عبر الحدود تربط بين أجزاء متباعدة في عالم جديد بتخطي كل الاجراءات والتقاليد، فالطرق التقليدية لمتابعة تدفقات الاموال وأسعار الفائدة، والأساليب القديمة لتطوير الموارد وحماية البيئة أصبح غير قابلة للتنفيذ وصارت الشركات العالمية تتلون بألوان تتناسب مختلف المواقع وتخلق العلاقة المتغيرة بين التوزيع المكاني للانتاج والاستهلاك.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved