Thursday 25th september,2003 11319العدد الخميس 28 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رؤية اقتصادية في مناسبتنا الوطنية رؤية اقتصادية في مناسبتنا الوطنية
د. محمد بن عبدالعزيز الصالح

عندما رفع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه راية التوحيد مهللاً ومعلناً توحيد المملكة عام 1351هـ وأن المُلك في أرض الجزيرة العربية لن يكون إلا لله سبحانه وتعالى ثم لعبدالعزيز، لم يكن أكثر الناس تفاؤلاً يظن بالقدرة على تحقيق الإنجازات التنموية المتلاحقة التي حققتها المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز وحتى وقتنا الحاضر. وذلك ليس من قبيل التشاؤم ولكن كافة المعطيات التي صاحبت توحيد المملكة في بداياتها كانت توحي بذلك. فالجزيرة العربية في ذلك الوقت كانت تفتقد لكافة المقومات الأساسية التي تحتاجها عملية بناء التنمية إضافة إلى أن اعلان توحيد المملكة قد جاء في أعقاب حربين عالميتين مما جعل مرحلة التوحيد تنطلق في أجواء عالمية غير آمنة ولا مستقرة وعلى الرغم من كافة تلك المعطيات الصعبة فقد استطاع موحد هذه الجزيرة أن يضع مختلف الأساسات اللازمة للشروع في تنمية حضارية سعودية.
وكما تفضل سمو ولي العهد - حفظه الله- أثناء جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، فإن اليوم الوطني هو مناسبة مواتية لأن نحاسب أنفسنا عن ماذا قدمنا لهذا الوطن خلال الفترة الماضية، وعما إذا كان بالإمكان تقديم أفضل مما تم تقديمه، وإذا كانت المملكة قد قطعت شوطاً طيباً في شتى المجالات، فإنه لايزال أمامنا شوط طويل يتطلب منا تكثيف كافة الجهود المبذولة، فكل مواطن مطالب بأن يقف وقفة صادقة مع وطنه. وبالتالي فإن المصارحة بين المواطن والمسؤول مطلوبة في هذا الوقت بالذات أكثر من أي وقت مضى، خاصة وأن المسؤولين قد عودونا على عدم التردد في التجاوب مع كل ما يرد من المواطنين من ملاحظات ونصح طالما أن ذلك يصب في مصلحة هذا الوطن.
وبهذه المناسبة الغالية علينا جميعاً، فإنني أتوجه بالنداء لكافة المواطنين بتفعيل الاسهام في بناء الوطن وذلك من خلال سلك السبل الادخارية السليمة، حيث أن الانعكاسات الإيجابية في ذلك لن تقتصر فقط على المواطن وإنما تتعدى ذلك إلى الإسهام في تجاوز الموازنة السعودية مما تعانيه من عجز، ولذا فإن الإدخار الشخصي للمواطن يلعب دوراً هاماً في رسم السياسات المالية العامة للدولة.
وبهذه المناسبة أيضاً، أحب أن أؤكد أنه من الأهمية أن لا يقتصر احتفالنا بهذه المناسبة على إقامة المهرجانات الوطنية، وإنما يجب أن ينطلق احتفالنا بهذه المناسبة من خلال مضاعفة وتكريس الجهود، وبالتالي فإن ما يتم سنه ووضعه من سياسات اقتصادية يجب ألا يقتصر على تحقيق المكاسب الوقتية وإنما يجب أن تنطلق تلك السياسات لتحقيق المكاسب ذات المنظور الأبعد.
إن مناسبة اليوم الوطني هي فرصة مواتية لنسأل أنفسنا عن ماذا أنجزنا خلال الفترة الماضية في سبيل بناء التنمية السعودية. فماذا تم حيال تطوير بعض الأنظمة الاقتصادية، وماذا أعددنا لنجعل البيئة الاستثمارية في المملكة أكثر ملاءمة لجذب المزيد من الأموال الأجنبية، ماذا عملنا لكي نحد من الأضرار التي قد تلحق ببعض قطاعاتنا التنموية في حال الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، وهل حققنا ولو النسب الدنيا في عملية احلال الأيدي العاملة الوطنية بدلاً من الأجنبية، وماذا بقي حيال الارتقاء بآليات أداء الشركات المساهمة التي أنهكت بخسائرها شريحة كبيرة من المواطنين ناهيك التعليمية لتكون أكثر توافقاً مع متطلبات واحتياجات سوق العمل، وماذا وماذا وماذا.. إلخ استفسارات كثيرة تحتاج إلى وقفة ومراجعة مع النفس من الجميع. أعود وأكرر بأن ما يتوجب وضعه في الاعتبار هو أهمية عدم توقف عجلة التنمية أو تباطئها وأن ما تم تحقيقه من انجازات تنموية في وقتنا الحاضر قد لا يكون ملائماً للمراحل المستقبلية القادمة مما يعني أهمية تفعيل الجهود من أجل دفع عجلة التنمية السعودية إلى الأمام، هذا إذا ما أردنا أن يكون لنا المكانة التي نتطلع أن نتبوأها مع دخول العالم قرناً جديداً.
وأخيراً لا نملك سوى الدعاء بالرحمة والغفران بجلالة المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه، وأشد على يد كل مواطن بأن يتخذ من التجارب التي مر بها موحد هذه الجزيرة والتي استطاع من خلالها أن يؤسس بنيان هذه الدولة عبرة له.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved