بعد صلاة الفجر وقبيل الشروق تم تنفيذ خطة دبرت بليل لاطلاق سراح طائر مغرد صداح ذي صوت عذب شجي من قفصه إلى الفضاء الفسيح،
لكن الطفل الصغير كان يسمع رواية هروب العصفور من القفص وما صاحبها من تأويلات مفتعلة إلا أنه لم يعلق ولم يبد قبولاً تاماً بتلك التفاسير، ونظف القفص ورفعه في مكان ملائم في غرفة أعلى المنزل، وبعد أيام لوحظ عليه تردده على تلك الغرفة صعوداً ونزولاً، فإتضح أن بالقفص عصفوراً جديداً تبين أنه ثمرة صفقة تجارية سرية عقدها الطفل مع ابن الجيران وتم التكتم عليها إعلامياً خشية إفساد الصفقة من قبل منافسين وربما لخشية الطفل من طيران العصفور الجديد والقفص معاً هذه المرة، وكشفت الأنباء أن قيمة العصفور قد تم الاتفاق على تسديدها بأقساط مجدولة من المصروف المدرسي اليومي مقابل زيادة نسبية على القيمة الفعلية للعصفور.. هذه الحدوتة الطفولية على بساطتها تبين أن بين ظهرانينا عقولاً صغيرة تحب الجمال وتطربها العصافير وتستوقفها الكلمة اللطيفة وتتأثر ألماً بعبارات التأنيب الجافة خاصة أمام الأقران، كما نستشف من الرواية أن هناك خصالاً فطرية لدى بعض الصغار تنم عنها تصرفاتهم وميولهم منذ نعومة أظفارهم كالميل للمتاجرة والمرابحة عند الطفل الآخر بائع العصفور تقصيداً وجنى منه أرباحاً مضاعفة، والذي لا ريب فيه أن للصغار عقولاً كبيرة ومدارك لا يستهان بها ولا يقلل من شأنها، وهم وان كانوا صغار الحاضر فهم رجال المستقبل وقادته بشرط أن نحسن فهم أفكارهم وميولهم وتوجهاتهم ونتعامل معهم وفق ضوابط عقلانية منطقية تحترم كينونتهم.
|