Wednesday 24th september,2003 11318العدد الاربعاء 27 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

النخلة صديقة الظروف القاسية النخلة صديقة الظروف القاسية
د. عبدالرحمن بن محمد المشيقح (*)

النخلة تلك الشجرة المباركة هي الصديقة الحميمة للظروف البيئية القاسية، فالنخلة لا تنمو إلا عندما يتوفر عاملان هامان هما الحرارة والجفاف، فالحرارة والجفاف ضروريان لجميع العمليات الفسيولوجية لنمو النخلة وللثمار من تكون ونضج، ففي المناطق الباردة لا يمكن أن تنمو النخلة فضلاً عن إنتاجها. كما أن ارتفاع معدل الرطوبة النسبية يؤثر سلباً على نمو النخلة وإنتاجها، ولا تكاد تخلو مدينة أو قرية أو مزرعة في المنطقة الوسطى من المملكة من عدد من أشجار النخيل، كما أن النخلة صبورة من جهة المتطلبات المائية فتستطيع الصبر على العطش أكثر من أي نباتات أخرى، فالتركيب الكيميائي للنخلة يسمح لها بالاحتفاظ بكميات المياه داخلها، فجذعها الخشن وأوراقها المغطاة بطبقة من الشمع والأشواك تسمح بإتمام عمليات التمثيل الضوئي بكل كفاءة ولكنها تمنع وتحد من تبخر الماء.
فهي من النباتات ذوات الفلقة الواحدة حيث الأوراق والوريقات مستقيمة ومغطاة بطبقة شمعية.
إن إنتاج التمور كواحدة من أشجار الفاكهة الهامة يعتبر الغذاء المتكامل وليس أدل على ذلك من سنة المصطفى عليه السلام من إفطار الصائم على الرطب، لقد كان التمر وما يزال هو الغذاء الرئيسي لسكان الجزيرة العربية، والتمر ذو قدرة على التخزين والنقل عالية بل أكثر من أي إنتاج آخر كما أنه يتحمل التخزين تحت أي درجات حرارة، لقد كان آباؤنا وأجدادنا يستطيعون حفظه في بيوتهم في حجرات صغيرة خاصة تسمى (الجصة) لا يحتاج أي إضافات أو معاملات كيميائية، وبذلك يبقى كما هو طعماً ولوناً يقتاتونه على مدار العام، كما أن التمر يتم نقله على الجمال لمسافات ومدد طويلة ولا يؤثر ذلك في نوعيته.. ولعل السبب في ذلك هو رص التمر وكبسه بشكل جيد بحيث لا يسمح بعده بوجود الهواء بين حبات التمور.
إن العلاقة الحميمة التي تربط النخلة بالظروف البيئية القاسية لهي واحدة من قدرات الباري عز وجل، لقد منح الله سبحانه وتعالى كل بيئة ما يناسبها من الأحياء فالجزيرة العربية وخاصة وسطها هي البيئة المناسبة لنمو وإنتاج النخلة، فترى هذه الشجرة الطيبة باسقة يانعة منتجة تتحدى قسوة الطقس من رياح وحرارة وجفاف وقلة عناصر غذائية وشح مياه، وكما أن النخلة صديقة الظروف البيئية القاسية فهي الأم الحنون للمواطن في تلك الظروف فمنها غذاؤه وسكنه ورفاهيته، فالتمر وما يحوي من عناصر ومواد غذائية عالية هو القوت الرئيسي للمواطنين ومن أجزاء النخلة يستمد التدفئة والوقود ومن وريقاتها تقوم بعض الصناعات اليدوية كالمراوح والمفارش والسلال ومن الأوراق تسقف المباني الطينية وتقام العرائش وتسور المزارع ولشدة حب المواطن للنخلة فهو لا يفرط بأي جزء منها مهما صغر حجمه فإن لم يستفد منه في غذاء أو صناعة أو بناء استخدمه كوقود أو خلافه.
رحمك الله يا عبدالعزيز عندما وحدت البلاد وجعلت كلمة التوحيد ترفرف خفاقة فوق العلم وجعلت السيف والنخلة شعاراً للمملكة لتدل على القوة والمنعة وعلى الاكتفاء والأمن الغذائي.

(*) كلية الزراعة والطب البيطري
جامعة الملك سعود - فرع القصيم

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved