لم يكن الحب يوماً ما كأس ماء نحتسيه لحظة شعورنا بالعطش..!!
ولم يكن لقمة سائغة نلتهمها حينما يبلغ بنا الجوع مبلغاً لا نحتمله..!!
كما لم يكن يوماً ما محطة استراحة نقصدها بعد عناء ساعات طويلة من السفر الشاق، ثم نغادرها غير مأسوف عليها..!!
كما أنه لم يعرف كعاطفة طبيعية من العواطف المتعددة التي يشعر بها الفرد..!!
إنه إن يكن كذلك لدى فئة من البشر، فإن أبسط وصف يستحقونه هو عديمو الإدراك والشعور!
حينما تتعهد النبتة بالسقاية والرعاية والمتابعة فإنك قد أحسست بمدى احتياجها للماء بمجرد رؤيتك لجفاف التربة وذبول الأوراق والأغصان دون أن تفضي هي لك بذلك.. فسقيتها ورعيتها حباً لها.. ورغبة في أن تراها خضراء نضرة مورقة منتشية...!!
* وعندما تلقم الأم ثديها لرضيعها الذي أخلد لنوم عميق قبل لحظات.. ولكنها انتبهت على تقلبه المتكرر وعلى صوت مصه لإصبعه، فإنها ما فعلت ذلك وما استيقظت على حراكه وهي الغارقة في نومها بجانبه إلا لأنها أحسّت بعاطفة وهبها الله إياها، وفطرها عليها أن الجوع بدأ ينهش معدته فكان التقلب الذي سبق البكاء تعبيراً له عن ذلك فلم تنتظر حتى يبكي من الجوع.
* إحداهن روت لي أنها قد اتفقت مع زوجها أن يذهب بطفلها الرضيع إلى والدته حينما يستيقظ بحكم أنها موظفة ووقت دوامها يخالف وقت دوام زوجها.. فأبدى لها الزوج موافقته، في الصباح هيأت الأم الطفل وأعدته وأعدت بجانبه احتياجاته الأساسية ثم تركته نائماً في سريره بمعية والده في الغرفة وذهبت لعملها.. خلال فترة عملها كانت تشعر بشيء ما يقلقها دون أن تدرك ماهيته مما حدا بها إلى الاتصال المتكرر بالمنزل دون أن تتلقى رداً من الزوج.. مرت ساعات الدوام بطيئة.. انتهى الدوام أسرعت تسابق الدقائق، ولجت للمنزل.. اجتازت الممر.. صعدت للأعلى دخلت الغرفة كان الزوج مستغرقاً في نوم كهفي، حاجيات الطفل على وضعها الذي تركتها عليه، عينا الطفل شاخصتان الوضع للوهلة الأولى يشي بأن الطفل قد عانى من بكاء مرير دون أن يشعر والده بذلك لثقل نومه.
الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أن للأم ثلاثة حقوق في مقابل حق واحد للأب ولعل للعاطفة التي منّ الله بها دوراً في نيلها هذه الحقوق.
* وقت أن أتوعد ابني بعقاب صارم نتيجة خطئه الذي ارتكبه في حقي وأتناسى عقابه فإن دافعي نحو التناسي وليس النسيان حبي له، وكرهي أن أراه يتأوه وجعاً من وخزة ما فكيف إن كانت تلك الوخزة صادرة مني..!
* بندول الساعة عندما يمر بالزمن الذي حددته له فإنه يطرق عدة طرقات على الجرس ليوقظك وفاء لما طلبته منه.. وتنبيهاً لك وحباً، ويظل من أجلك يرن ويرن ويرن حتى تطلبه الصمت ضاغطاً على رأسه أو ظهره فيصمت مستجيبا لك طائعاً والحب يغمره نحوك.
الحب إذا حاولنا استشعاره مع الكائنات الحية ومع الجمادات فإننا سندرك حجم اللذة التي وهبتها لنا الحياة.
عاطفة حب نعيشها ونتبادلها مع القلم/ الكتب المناهج/ العمل وحتى الدار التي تضمنا وتؤوينا بين أركانها ليلاً ونهاراً.
وما أجمل قول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لجبل أحد: «جبل يحبنا ونحبه».
فاكس: 8435344 - 03
|