هناك من يقول بأن التفجيرات الأخيرة والخلايا التي اكتشفت في المدينة المنورة وحائل ثم مكة المكرمة، هي مقدمة لعمل أكبر كان يتم الإعداد له لينفذ في مدينة جدة، حيث الأجانب والحركة التجارية والمطار والميناء، وفوق ذلك كون هذه المدينة بوابة الحرمين الشريفين، وكونها المدينة التي لم يهزها عمل إرهابي من قبل، في الوقت الذي تعرضت فيه المدن السابقة (مكة والمدينة) تحديداً لأعمال إرهابية، أو كشف خلايا، قبل أن تنفذ خططها، دون أن نغفل ما تعرضت له مدينتا الرياض والخبر للعديد من العمليات الإرهابية التي يقال إنها استهدفت الأجانب على وجه الخصوص، مع أن الحقيقة أن كل عمل إرهابي موجه بقصد أو بغير قصد، لكل ما على الأرض من الناس والبنى التحتية، لا فرق في ذلك بين مواطنين أو مسلمين أو أجانب، ورغم أننا أخذنا بروفات أو جرعات مؤلمة من هذه العمليات في العام 1400هـ على يد جهيمان العتيبي، ثم على يد صدام حسين، عبر صواريخه التي يرسلها إلينا، كل مساء إبان اجتياحه لأرض الكويت إلا أن ذلك كله يجعل الضربات أو الأعمال الأرهابية وكأنها جديدة علينا، وهذا هو الحال مع كافة الشعوب، فقد خلق الله الإنسان هلوعاً من أعمال الشر كلها من الدول والأفراد.
ولن نقول إن مثل هذه الحوادث الإرهابية كان من الممكن ألا تحدث لو كانت هناك يقظة أمنية لأن اليقظة الأمنية مهما بلغت جاهزيتها قاصرة على الإلمام أو الإمساك بكافة الخيوط ويكفي اليقظة أن تكون سبباً في كشف البلاء قبل وقوعه، ثم في تتبع الفلول المجرمة في كل مكان حتى تقبض عليها، وحال الأجهزة مثل حال الآباء الذين خرجوا ويخرجون علينا كل صباح في الصحف منددين بجرائم أبنائهم وبتأكيد ولائهم ولا ينسون خلال ذلك أن يؤكدوا استقامة أبنائهم، وبرهم بوالديهم وأهلهم وجيرانهم، لكن أصدقاء السوء قاتل الله هؤلاء الأصدقاء، جروا أبناءهم إلى طريق الشر، هؤلاء الآباء المكلومون، ماذا كان بأيديهم أكثر من ذلك؟ حسناً هناك العديد منهم فقدوا الاتصال بأبنائهم منذ سنوات، وبعضهم يتصل به ابنه وحين يسأله الوالد: أين أنت يا ولدي؟ يقول له إنه في أرض الله! وهناك من يقول بأن ابنه مريض، ومنهم من يقول بأنه فاسد، لكن الغالبية يشيدون باستقامة أبنائهم، فهل نبت الشر في نفس هذا الابن، وتكفيره المجتمع ثم محاولة الإجهاز عليه فجأة؟ هذا السؤال أتمنى أن يجيب عليه علماء النفس والاجتماع الذين من المفروض أن يكون لهم دور في هذه الآونة العصيبة، خاصة وأن محرقة الإرهاب باتت تختار بطريقة خسيسة من ينفذ أهدافها، بحيث يكونون من صغار السن (15 ،17 ،18 ،20 وحتى 25 سنة) وهو ما يدعو للقلق فمن هو في هذه السن من المفروض أن يكون طالباً أو في حضانة والديه، لكن لا المدرسة ولا الوالدان يدرون عنهم شيئاً!!
أما الأخطر من تجنيد الإرهابيين لصغار السن، فهو استهداف أو الانطلاق من مناطق مقدسة لدى كافة المسلمين، من خلال التخطيط والإعداد لتنفيذ تفجيرات، في مناطق مأهولة بالسكان، والزائرين لهذه الأماكن لإحداث أكبر قدر من الرعب، وللسلطة التي تحمي وتدير الحرمين الشريفين، ولا يهم في سبيل ذلك اللجوء إلى تلغيم المصاحف وترامس الماء والتنكر في ملابس النساء والإيحاء بوجود مناسبات سعيدة ( كما حدث في عمارة العطاس) لإدخال الأسلحة والمتفجرات في صواني الأكل مع إرسال الألغام الغنائية لإضفاء المزيد من البهجة ولصرف الأنظار ومع ذلك فقد كانت الأجهزة الأمنية تراقب وترصد حتى استطاعت إحباط ما خططوا له.
كل هذه الوقائع تضعنا أمام سؤال كبير: ما هي الأهداف التي يراد تحقيقها، من مثل هذه الأعمال الإجرامية؟ خاصة وهؤلاء لا يتورعون عن استهداف المتراس، الذي يعللون به أعمالهم، وهو كفر الأمة وضلالها، أقدس الأمكنة التي يدافعون عنها، ويرغبون في أن يتجه الناس إليها، أو تكون نبراسا لهم في حياتهم، وفي تعاملهم مع الضالين والمتكبرين والدول المسيحية، إن استهدافهم لهذه الأماكن نسف أكبر رمز أو هدف وحوّلهم كما يصورون أنفسهم من مجاهدين، إلى مجرد قطاع طرق لا يتحرجون في سبيل تحقيق أهدافهم عن استهداف المقدسات، وبسطاء الناس، - أناس مثل هؤلاء -، من المفروض ألا تتوقف الدولة والمواطنون والمقيمون عن مطاردتهم فقد اصبح الخط أو الطريق الذي لا يمس وهو إسلامنا وأماكننا المقدسة في .. خطر!!
فاكس 4533173
|