في خضم تزاحم الأفكار والأحلام.. ومحاولة تكسير الحساب وتجبير الميزانية ووفود الطالبات التي تدفع رسوم الدراسة التي أزفت.. طلبتني المحاسبة.. ولم يكن آخر الشهر.. فقلت رحمة ربي واسعة لربما صرفوا لنا إعانة قبل بدء الدراسة.. ربما جعلوه على هيئة مكافأة رمزية.. وربما قرروا زيادة الراتب قليلاً تشجيعاً لبنات البلد!!
كانت غرفة المعلمات مكتظة بالأخوات العربيات تكتظ فيهن الكراسي منذ أزمنة قديمة..وفي زاوية من الغرفة هناك خمس كراسي فقط نجلس فيها نحن السعوديات.. والغرفة واسعة لكنها تضيق علينا في أوقات كثيرة من التعليقات على السعوديات وترفهن ودلعهن وولعهن بالموضات وفراغهن العقلي وندرة جمالهن وأشياء أخرى ولأننا خمس معلمات فقط.. ولأن الشعبية الجارفة هنا للأخريات عند الإدارة.. فنحن نتعمد «تطنيش» الكلام ونعتبر ان هذا حديث خارج الزمن لا يليق بنا أن ندخل فيه..
* خرجت من الغرفة باتجاه المحاسبة.. وقلبي يرف باتجاه لحظات الفأل لكنه يعود مجدداً.. فانكسارت الحياة أفقدته القدرة على الفرح الكامل..
قالت المحاسبة بوجه بارد القسمات.. استلمي آخر مستحقاتك فقد تم الاستغناء عنك لان عدد الطالبات هذا العام لا يحتاج لكم كبير من المعلمات..؟
اليوم آخر يوم في الإجازة..
والاسبوع القادم تبدأ الدراسة والمدارس الخاصة كلها رتبت نفسها واكتفت..
كيف لا يتم اشعاري مسبقاً لأرتب وضعي الوظيفي..
كانت دموعي غير كافية..
وكان بكائي الذي ضجت له المدرسة غير كافٍ أيضاً.. فحريق القهر والظلم اشتعل في قلبي المجروح..
أنا سعودية.. والبلد بلدي..
وراتبي زهيد وصابرة عليه
والان يستغنى عني دون أي إشعار.. حين اكتفت المدارس الأهلية وبدأت الدراسة..
* أين وزارة التربية.. أين مجلس القوى العاملة.. قد لا أكون الأكثر كفاءة لكنني لست الأسوأ ثم يكفي أنني ابنة الوطن.. أين العقلاء.. والمنصفون..؟؟
***
* واقعة حقيقية لمعلمة في إحدى المدارس الأهلية بالرياض ليست الوحيدة ولن تكون الأخيرة.
طالما أننا نكتفي بالاجتماعات واللجان والقرارات التي تصدر مع وقف التنفيذ.. أين ضمان حقوق المعلمات وأين سقف الراتب وأين التأمينات والسعودة في التعليم الأهلي؟!.
* أدرك تماماً أن المدارس الأهلية ليست مسؤوليتها الإيواء والرعاية لكنها مسؤولة عن حفظ حقوق المعلمة الإنسانية والمادية والوطنية!!
وأهدي إلى الجميع عبارة المعلمة المفصولة:
«إلى متى يتقاسم الآخرون اللقمة في قصعتنا.. بينما يبيت منا من هو على الطوى؟!»»
|