** استمراراً للحديث عن وزارة التربية والتعليم.. وهي إحدى أبرز الوزارات في بلادنا.. ومن أكثرها نجاحات.. ومن أكثرها تطوراً.. أوسعياً للتطور.. ولا يمكن لأحد أن يغمطها هذا الحق أو يقول غير ذلك..
** وسبق أن قلنا.. إن نقدنا للوزارة في بعض الجوانب.. لا يعني أن الوزارة كلها أخطاء.. فالوزارة.. عبارة عن عشر وزارات أو أكثر.. والوزارة.. تتمدد وتتفوق وتنجح في كل اتجاه..
** وامتداداً لحديثنا عن نقل المعلمات والمعلمين وسائر موظفي الوزارة.. وما قد يعانونه من صعوبة في النقل.. متى حلَّت بهم ظروف طارئة.. فإننا.. ننقل معاناة هؤلاء الذين تقدموا والتمسوا وأرفقوا ما يثبت تعرضهم لظروف لم تكن في حساباتهم.. ومع ذلك.. فالوزارة.. لا تلتفت لمثل هذه الظروف.. ولم تصغ لمطلب.. وألجأتهم إلى ظروف أقسى من الظروف التي مروا بها.
** تخيل.. معلمة تمر بظرفٍ قاس صعب طارئ وجدت نفسها أمامه وجهاً لوجه.. لم يكن في حسبانها.. وتتقدم للوزارة شارحة هذا الظرف القاسي الصعب.. فتجلس سنتين أوثلاثاً بعد تقديم الطلب تبكي في غرفة المدرسات يومياً.. بكاءً مراً أمام كل زميلاتها وأمام كل طالبة.. والكل في المدرسة.. يعرف ظرفها القاسي الصعب.. والوزارة.. أو«إدارة التعقيد» في شئون البنات.. لا تصغي ولاتسمع ولا يهمها.. إلا الالتزام والتقيد بموجبه!؟
** في مثل هذه الحالة.. كيف ستعطي هذه المعلمة؟ وكيف ستنجز؟ وما هي ردة فعل «قسوة الوزارة تلك» على بقية زميلاتها اللاتي يعايشن وضعها المحزن؟
** إن كل معلمة في المدرسة نفسها.. أو كل معلمة تعلم بظروف هذه المعلمة.. تدرك أن مصيرها سيكون مصير هذه المعلمة.. فيما لو تعرضت لظرف مشابه.. وتدرك أن الوزارة لم ولن تلتفت لأي ظرف طارئ يحل بأحد منسوبي التعليم مهما كانت قسوته.. ومهما كان حجم المعاناة.
** يقول أحد المراجعين في رسالة بعث بها.. إن مسئولاً في الوزارة قرأ أكثر من التماس يتعلق بموت ولي الأمر أياً كان = زوجاً.. أباً.. أخاً = في جلسة واحدة.. ثم رفع بصره وقال «موت.. موت» كله موت.. ابحثوا عن أعذار أخرى.
** ألا يدري هذا المسئول.. أنه يموت في الرياض وحدها يومياً.. ما يقارب العشرين شخصاً؟
** وإذا كان هذا المسئول لايعرف.. فليصل العصر فقط.. في جوامع «عتيقة.. والراجحي.. والديرة» ثم يعد الأموات.. هذا.. غير من يُصلى عليهم في أوقات أخرى.. أوفي جوامع أخرى، فقد يكون المسجد الذي يصلي فيه ليس من ضمن المساجد التي يصلى فيها على الأموات.
** هؤلاء الموتى العشرون أو الثلاثون يومياً.. يخلفون أرامل وأيتاماً.. ويخلفون وراءهم كومة بشر.. لهم ظروفهم الخاصة.
وعلى هذا «المسئول» أيضاً.. أن يقرأ خبراً إحصائياً نُشر عن وزارة العدل قبل يومين يقول.. إن نسبة إثبات حالات الطلاق.. قد زادت عن نسبة إثبات زواج «عقود زواج» بنسبة «2%» خلال العام الماضي.. والخبر.. نشر في أكثر من صحيفة.
** فحوادث الطلاق تلك.. ألا تستحق.. من يقدرها؟ أم أن كمبيوتر الوزارة لا يعرف «موتاً ولا طلاقاً»؟
** نحن لا نقول أبداً.. إن على الوزارة أن تُلبِّي كل طلب يقدم لها.. فهناك لا شك من يريد أن يعمل في مدرسة بجوار بيته.. وهناك طلبات غير مشروعة.. ولكن من حق هؤلاء على الوزارة.. أن تُبيِّن لهم.. أن طلبهم غير مشروع.
** ثم.. كيف تتعامل وزارة التربية والتعليم مع رجال التربية والتعليم.. والنساء المعلمات المربيات بهذه الطريقة التي تسودها «اللاثقة.. و «اللا مصداقية» و«اللاتجاوب»؟
** تخيل.. معلماً.. كله إخلاص وتفانٍ.. وكله مسئولية.. يخلص في عمله حتى إذا وقع فجأة في مصيدة ظرف قاسٍ طارئ.. شككت الوزارة في مصداقيته.. وسخرت منه.. ثم قيل له.. ارجع لعملك واسكت حتى يأذن لك الكمبيوتر؟
** ألا يصاب بإحباط؟ ألا يحبط كل مدرس يعرفه؟ ألا يسود الإحباط ويستشري في المدارس؟
** ثم ماذا ننتظر من مدرس أو مدرسة محبط؟ كيف سيعطي؟ وماذا سيُخرِّج؟
** إن قضية الطرد.. وقضية «لا».. سهلة للغاية.. ويمكن أن يقوم بها حتى بواب الوزارة ولا تحتاج إلى مسئول يجلس أمام المراجعين يستلم طلباتهم وشكاويهم ثم يقول «لا» أو يفاجأ المراجع بأن طلبه محفوظ وجثَّة وليِّه.. أو قبر وليِّه.. لم ييبس بعد..!!
** مسألة «لا» بسيطة.. ولا تحتاج إلى مسئولية وخبراء ومستشارين وجهاز وظيفي.. وجهاز تربوي.. وجهاز إعلامي.. وجلسة لساعة أو ساعتين.. وهي أيضاً.. لا تحتاج إلى تكليف المراجع عناء الذهاب للوزارة والانتظار والحرج والمشاكل.
** يمكن أن يصدر تعميم.. يضاف إلى تعاميم الوزارة التي تعد بالآلاف ويقال: لن نلتفت لأي طلب مهما كان.. ومن مات له قريب.. فعليه أن يبقى في وظيفته أو يلحق به..
** هل يجهل مسئولو الوزارة.. أن المسألة.. مسألة «تربية وتعليم» وأن هذا العمل لم يعد مناسباً في أي قطاع.. حتى قطاعات العمال؟ وأن قطاعات العمال تصغي وتنصاع لطلباتهم المشروعة.. وتقدر ظروفهم أشد تقدير؟
** لقد كان الوضع في سنين خلت.. جيداً للغاية.. وأحوال المدرسين والمدرسات والمدارس رائعة للغاية.. وكانت نفسيات المدرسين والمدرسات ممتازة للغاية.
** واليوم.. وفي زمن «طَقَّةْ التربية الحديثة»!؟ تبدلت الأحوال.. وتعقدَت الأمور وأصبح المعلم أو المعلمة.. يخاف من شكوى ظرفه الخاص.
** هل الوزارة سعيدة بأنها تُسمى «وزارة التربية والتعاميم»؟
** هل الوزارة.. سعيدة بتلك الفجوة والهوة بينها وبين منسوبيها؟
** هل الوزارة تتوقع أن عدم الالتفات لظروف منسوبي التربية «والتعاميم» والاستخفاف بأوجاعهم يُعد نجاحاً؟
** إن ما قلته وسقته هنا.. ليس من عندي.. بل هو تلخيص لرسائل عدة.. واتصالات من معلمين ومعلمات وأولياء وأقرباء لهؤلاء الذين تزايدت شكاويهم وتظلمهم من معاملة قاسية تتفنن الوزارة في تطبيقها.
** مؤكدين للمرة الخامسة أو السادسة.. أن كل ذلك.. لا يقلل أبداً.. من نجاحات الوزارة في مجالات شتى وعديدة.. يلمسها الجميع ويشيدون بها.. وهي بالفعل.. كذلك..
** ومؤكدين أيضاً.. أننا نكتب كل ذلك.. من باب.. أن الوزارة يسعدها أن تسمع الرأي الآخر.. وأنها تفرح بمن يُهدي إليها عيوبها.
** هكذا يقول مسئولوها.. ونحسبهم إن شاء الله كذلك.. والله سبحانه وتعالى الهادي إلى سواء السبيل.
|