Tuesday 23rd september,2003 11317العدد الثلاثاء 26 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
د. فؤاد بن عبدالسلام الفارسي (*)

  يوم من الزمان يقف له التأريخ إكباراً وإعجاباً، ذلكم هو (ذكرى اليوم الوطني) في بلادنا العزيزة المملكة العربية السعودية.. وهناك العديد من دول العالم التي تسمي يومها الذي يختص بها عيداً فتحتفي به بالطريقة التي تعبر عن مُثلها ومنهجها في الحياة.
أما احتفاؤنا بهذه الذكرى الغالية في بلادنا فله سمة مميزة ذات أبعاد مختلفة تتفاعل مع الفكر والوجدان والحياة المتوازنة بين العلم والإيمان والتطلع إلى الارتقاء نحو مستقبل أفضل إن شاء الله.
ولعل جيل الآباء ولا نقول الأجداد يدرك تماماً حقيقة ما كانت عليه بلادنا من تمزق وعدم استقرار بسبب افتقاد الأمن، وندرة الموارد، وضعف التعليم.. فكان الفقر والجهل والمرض مخيما ضارباً أطنابه في البلاد من أقصاها إلى أقصاها.. إلى أن قيض الله لهذه الأرض الطيبة الرجل الفذ الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود الذي بذل الغالي والنفيس واضعاً روحه على كفه وعلى امتداد عدة عقود، حتى تمكن بتوفيق الله من توحيد أجزاء البلاد التي كانت مشتتة فجعل منها هذا الكيان الكبيرالذي تقلنا أرضه، وتلحفنا سماؤه بكل الدفء والتحنان، مع الحرص على تحكيم العقيدة الإسلامية التي تعتمد الوسطية والاعتدال في كل شئوننا، فارتفع البنيان شيئاً فشيئاً وانتشر التعليم في المدن والقرى، وصيغت النظم المتعلقة بالاحتياجات الأساسية كافة وفي المقدمة التمكين لمفهوم الأمن الشامل وتحقيق العدل وتوفير سبل العيش الكريم.
وعندما انتقل الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - إلى الرفيق الأعلى كان قرير العين، لأن الوطن الكبير قد وضع أقدامه على الدرب المستقيم وزمامه في أيد أمينة تستشعر المسئولية وتقدر عظم الأمانة، ولذلك تأخذ على عاتقها القيام بالواجب المناط بها بكل وفاء وإخلاص لتتواصل خطط التنمية والتطوير، ويظهر ذلك بوضوح وجلاء من خلال ما اضطلع ويضطلع به خلفاء الراحل العظيم الذين ساروا من بعده على نفس الأسس والمبادئ مع الأخذ بالأسباب لمواكبة المستجدات والاستفادة منها بما لا يتعارض مع الثوابت.
فغدت بلادنا - ولله الحمد - في عداد الدول المتقدمة ولا تزال قافلة الخير تواصل مسيرتها لتحقيق أهدافها باتجاه الداخل تقدما وازدهاراً، وخارجيا بتمتين جسور التعاون الإيجابي البناء مع الدول الشقيقة والصديقة من أجل خير الإنسانية جمعاء.
والمملكة العربية السعودية التي تحكم بالعقيدة الإسلامية في كل شئونها، ومن ضمن ذلك ما يتعلق بالتعامل مع الآخرين.. وبكل الاحترام والتقدير والتمني الدائم بأن يحظى الجميع بحياة هانئة وعيش رغيد لتكتمل فرحتنا لأن سعادتهم هي امتداد لسعادتنا، فما يسرهم يسرنا، وما يؤلمهم يؤلمنا فنحن جزء لا يتجزأ من هذا العالم الفسيح.. الذي يجب أن يحافَظ عليه ليبقى آمنا ونظيفا بما يتطلب بالدرجة الأولى تخليصه من مختلف أنواع أسلحة الدمار الشامل، وكذلك القضاء المبرم على الإرهاب بكل أشكاله وألوانه، ولن يتأتى ذلك إلا بالتعاون الحقيقي المطلق عبر المنظمات الدولية ذات الصلة وبعيداً عن ازدواجية المعايير التي كانت ومازالت من الأسباب الرئيسة لتوالد بؤر التوتر وتنامي التعصب والميز العنصري.
ولذلك لابد من الإخلاص في القول الذي تترجمه المواقف والأفعال إلى معطيات معززة وبناءة لمصلحة الأسرة الدولية على حد سواء، ليعم الأمن والسلام ولتنطلق خطط التنمية لتحقيق أهدافها بدون أدنى معوقات نحو آفاق أرحب وأوسع بما يفيد الأجيال حاضراً ومستقبلاً.
وبطبيعة الحال فإن المملكة العربية السعودية جزء لا يتجزأ من الأسرة الدولية، تؤثر وتتأثر، وبفضل تطبيق الشريعة الإسلامية السمحة القائمة على الوسطية والاعتدال تنعم ولله الحمد والمنة بالأمن والاستقرار، ولذلك لم تتردد حكومة هذه البلاد لحظة واحدة في مسألة التصدي لظاهرة الإرهاب والتطرف بكل قوة وصرامة والتعاون مع الجهود الدولية لقطع دابره؛ لأن إحراز التقدم لا يتحقق إذا لم يكن الأمن وارفا والاستقرار شاملاً.
كما أغتنم هذه الفرصة لأذكر نفسي وإخواني من العلماء والمفكرين والأدباء والصحفيين وكل من يحمل فكراً نيراً بأن يسهموا بانتظام بكل ما يستطيعونه من أجل التبصير والنصح بكل ما يسمو بالمجتمع نحو مدارج العلياء، ويبعده عن المزالق والانحرافات التي تورط فيها بعض الأفراد بفهم وبدون فهم، مما يوجب تضافر الجهود لتوضيح الأمور أكثر وأكثر.. ولذلك لابد أن تتواصل الجهود الخيرة التي يتبناها ولاة الأمر من أجل المحافظة على أمن هذا البلد واستقراره؛ لينعم الجميع بالحياة الهانئة السعيدة العامرة بالأمن والأمان ورغد العيش والتطلع إلى المستقبل واستشراف آفاقه بكل ثقة واقتدار.
والله الهادي إلى سواء السبيل.

(*) وزير الثقافة والإعلام

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved