Tuesday 23rd september,2003 11317العدد الثلاثاء 26 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الرؤية المستقبلية لمدينة الرياض (1-4) الرؤية المستقبلية لمدينة الرياض (1-4)

متابعة: تركي إبراهيم الماضي - عبد الله هزاع العتيبي
يتمثل الهدف من وضع مفهوم للرؤية المستقبلية لمدينة الرياض وغيرها من المدن في تحديد ماهية آمالنا وتطلعاتنا لمدينتنا بطريقة بسيطة وواضحة كي يكون المستقبل أكثر ارضاءً وأكثر نفعاً لنا وللأجيال التي ستأتي بعدنا ولهذا فإن الرؤية المستقبلية عبارة عن وسيلة يتحدد بموجبها الاتجاه والهدف من القرارات والاجراءات الحالية على أمل أن تقودنا بالاتجاه الصحيح نحو المستقبل وهي معيار أو مقياس نقيس به معجزاتنا.
نمو وتطور
نمت مدينة الرياض خلال العقدين الماضيين بمعدلات عالية تفوق وبشكل أكبر معدلات النمو في المدن العالمية الأخرى فقد حققت خلال هذه الفترة الوجيزة تنمية اقتصادية واجتماعية وعمرانية كبيرة، حيث تم إنشاء معظم شبكات المرافق الأساسية والعديد من الخدمات المتطورة في المجالات التعليمية والصحية والثقافية والترويحية والأمنية كما تحقق نمو وتطور هائل في الأنشطة الإدارية والتجارية والمالية والصناعية وأصبحت المدينة مركزاً سياسياً وإدارياً واقتصادياً رئيسياً وقد ارتفع مستوى الحياة الحضرية في المدينة إلى معدلات لم يسبق لها مثيل.
ولكن وعند النظر إلى الوضع الحالي للمدينة يمكننا أن نتنبأ أن مستقبل الرياض لن يكون بنفس الصورة التي هي عليه الآن حيث أنه ومع مرور الوقت ستحدث تغيرات في كل ناحية من نواحي حياة سكان المدينة مما يحتم علينا التخطيط لمستقبل مدينة الرياض.
خيارات عديدة
والتخطيط للمستقبل في ظل الظروف المشجعة والبسيطة لابد أن يشمل خيارات عديدة حول الطريقة التي يرغب ان يعيش بها السكان، والفرص الاقتصادية والوظيفية المتاحة لهم وكيفية التعامل مع البيئة المحيطة بهم، وفرص الاستمتاع بالحياة العائلية، وأماكن المتعة والترفيه.
ومدينة الرياض ليست جزيرة معزولة عن بقية العالم إذ انها تقع في قلب المملكة وهي العاصمة الوطنية لبلد حيوي سريع النمو، والفئة الشابة من سكانها «وهم الفئة الغالبة» ينظرون إلى الرياض على أنها أكثر المدن جاذبية. وخلال السنوات القليلة الماضية ازدادت هجرتهم على نطاق أوسع الى الرياض من كل أرجاء الوطن طلباً لفرص وظيفية أو تعليمية من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية وتكوين أسرهم المستقبلية.
حاضراً ومستقبلاً
تقع المملكة وسط عالم متغير من الأمم الأخرى في عالم واسع من الابتكارات والمعلومات والتكنولوجيا والثقافة والمعرفة والنشاط الاقتصادي والفرص الأخرى المتاحة التي ستؤثر على مستقبل الرياض تماماً مثلما تؤثر على مستقبل أية مدينة رئيسية أخرى على سطح الكرة الأرضية.
«العولمة» هي إحدى حقائق الحياة حاضراً ومستقبلاً فهي العملية التي يتم بموجبها تقريب وتفاعل الأمم والمدن والسكان الذين يعيشون فيها بشكل أوثق اعتماداً على بعضها البعض، وربما لا يكون العالم قد أصبح «قرية عالمية» بعد إلا أنه سيصبح شبكة من المجتمعات المترابطة والمتفاعلة مع بعضها البعض.
لقد أصبحت الدول أشبه بالحرم الجامعي ولكن في بلدان مختلفة بحيث أصبح التعليم والرعاية الصحية أنشطة عالمية تتم على أساس يومي في فترة زمنية قياسية وذلك بفضل التطور السريع في وسائل الإعلام والاتصالات الذي جعل من الوصول الفوري للمعلومات أمراً ممكناً عن طريق شبكة اتصالات ذات طاقة عالية، وباستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة مثل الاقمار الصناعية وشبكة الحاسب الآلي.
ولا تزال خطوات التغير التكنولوجي تتسارع في معظم مجالات النشاط البشري تقريباً سواء كانت تنطوي على تطوير الأجهزة المنزلية البسيطة إلى بناء أكبر طائرة في العالم أو نقل البرامج الإلكترونية عن طريق شبكة من الحاسبات الآلية.
أمل وتطلع:
من منا يعرف كيف سيكون وضع العالم بعد خمسين سنة من الآن؟ من منا يعرف كيف سيكون شكل الرياض بعد خمسين سنة من الآن؟ ليس هناك أي إنسان يستطيع التنبؤ بالمستقبل، فهذا بيد الله سبحانه وتعالى ولكن الجميع يمكنهم تصور المستقبل ولديهم الأمل والتطلع حول مستقبلهم ومستقبل أجيالهم.
فنحن نخطط جميعاً للمستقبل ويحدونا الأمل في تحقيق أهدافنا وتطبيق خططنا، ونمر جميعاً بلحظات تكون فيها خططنا غير قابلة للتنفيذ أو تتعرض للفشل إلا أن ذلك لا يمنعنا من الاستمرار في التخطيط واتخاذ القرارات وتحديد الخيارات التي نأمل أن تقودنا إلى حياة أفضل. وقد يكون أهم ما يجب التأكيد عليه هو الالتزام بالغايات التي نرجوها خلال العملية التخطيطية ونعمل لاجلها أو من أجل تحقيقها.
حتى عندما لا نستطيع التنبؤ بالمستقبل فإننا نحدد الأهداف التي نأمل في تحقيقها ونعمل تجاه ذلك فنحن نتصور المستقبل الذي نريد وهذا التصور يقودنا إلى ما تقرر عمله، أو الذي يجب أن لا نعمله على أساس يومي وعند مواضع اتخاذ القرارات الرئيسية في حياتنا.
وكما هو الحال في حياتنا توجد خيارات يلزم تحديدها من بين العديد من البدائل الممكنة وينطبق ذلك على مستقبل مدننا.
وبحكم كوننا سكان مدننا، وبصفتنا متخصصين نتحمل مسئولية التخطيط والإدارة العمرانية فإننا نأمل أن يكون المستقبل أفضل من الماضي.
إننا نحلل ونناقش ماهية ومميزات وعيوب مدننا في الوقت الحاضر، وما يمكننا أن نفعله دائما لجعلها أماكن أفضل لنعيش فيها في المستقبل ونتفق أحياناً حول ما هو خطأ الآن وحول ما يمكن عمله لتصحيحها وتحسينها واحيانا لا نتفق إلا أن ذلك يجب ألا يمنعنا من تطوير تصوراتنا لمستقبل مدننا ومحاولة تحقيق تلك التصورات.
تقييم واختيار
ومع أننا لا نستطيع ضمان تصوراتنا، إلا أننا سنعمل تجاه ذلك مثلنا مثل المسافر، الذي يختار وجهته المقصودة، ويباشر رحلته متوقعاً انه إذا سار بالشكل الصحيح واختار الاتجاهات الصحيحة وأتبع المنعطفات الصحيحة واستخدم المركبة المناسبة وتزود بالزاد الصحيح للرحلة فسوف يصل وجهته المختارة بدون أي مشاكل ومحققاً ما بدأ بعمله.
كما توفر الرؤية المستقبلية إطاراً واسعاً للقيم والتطلعات التي تضع قاعدة ليست للتخطيط فقط، وإنما لتقييم واختيارالبدائل التي نرى بأنها الأكثر كفاءة لتحقيق المستقبل الذي نتصوره. وكذلك فإن هذا الإطار يحدد التوقعات حول المستقبل، ونوعيته وصفته وبالتالي يحدد المستويات التي نأمل تحقيقها.
تأصيل القيم
تساعد الرؤية المستقبلية عند تحليلها إلى مركباتها وضع هيكل من الأهداف والغايات التي يمكن تقييمها والتعبير عنها بطرق كمية تمكننا من قياس التقدم الذي نحرزه عند تطبيقها وربطها ثانية بالرؤية ذاتها بوضوح وبدون أي التماس.
فمما لا شك فيه هو أن الرؤية المستقبلية سوف يتم تعديلها من آن لآخر بحسب تطور فهمنا وتوخي المعلومات مع دور الوقت تغير معرفتنا، وكذلك مع تغير الظروف الخارجية ودخول عوامل جديدة على عملية اتخاذنا للقرارات التي لم تكن موجودة من قبل.
ومما يجب التأكيد عليه هو أن القيم التي سوف نعبر عنها في الرؤية يجب أن تكون جوهرية وأساسية بقدر يكفي لملاءمة تلك التعديلات على المعرفة والظروف الخارجية بحيث تعدل من مسارنا نحو تحقيق رؤيتنا المستقبلية فقط ولكن بدون تغيير الجوهر الفعلي للرؤية ذاتها.
ونظراً لتأصل القيم في العادات والثقافة المحلية فإن الرؤية والتصورات المستقبلية يجب أن تعبر بعمق عن هذه الثقافة حيث أن وضع رؤية مستقبلية لمدينة الرياض يمكن أن تكون تصوراً يعكس ويعبر عن القيم الثقافية السعودية والمبادئ الإسلامية التي تعتبر أساس تلك الثقافة ولن يكون بالإمكان تحويل التصورات من مكان لآخر بين الأمم والثقافات المختلفة.
تحليل وتوقعات
كجزء من المخطط الاستراتيجي الشامل الذي تقوم عليه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض تهدف الرؤية المستقبلية لمدينة الرياض إلى وضع اطار ودليل ارشادي لعمل التخطيط الاستراتيجي في المرحلة الثانية من المشروع.
لقد نتج عن المرحلة الأولى من المشروع معلومات وافرة وتحليل مبدئي للوضع الحالي لمدينة الرياض تطرقت فيه لنقاط الضعف والقوة والتوقعات المستقبلية للنمو السكاني والتغير الذي سيطرأ على مدى العقود القادمة، تم ذلك من خلال الاستناد إلى العوامل والمؤثرات «المؤقتة» التي تساهم في وضع التوقعات والتنبؤ بالمتغيرات.
تم الاستنتاج من المرحلة الأولى من بين أمور كثيرة انه لكي تستطيع التعامل مع مدينة الرياض في المستقبل تحت ضغط الزيادة السكانية المتواصلة فانه لابد من تغيير أشياء كثيرة، كما أعطت حلقات النقاش حول الرؤية المستقبلية لمدينة الرياض وجلسات نقاش العمل الرئيسية ونتائج المسح الاجتماعي والثقافي مؤشراً اضافياً عن نمط مدينة الرياض وسكانها والمسؤولين عن تطويرها والشكل الذي يرغبون ان يروا عليه المدينة في المستقبل.
منهجية واضحة
نظراً إلى الحاجة إلى دمج الاستنتاجات العديدة والأنشطة التي نجمت عن دراسات المرحلة الأولى خصوصاً بعد مناقشة العديد من النقاط المختلفة فقد تم تشكيل «فريق عمل خاص» لإعداد تقرير الرؤية المستقبلية تضم أساساً أعضاء من فريق مشروع المخطط الاستراتيجي الشامل والخبراء العالميين الذين تمت دعوتهم للمشاركة في الحلقة الدراسية حول الرؤية المستقبلية وتمثل بساطة الرؤية واتساع آفاقها، سمتان ضروريتان لوضع رؤية مستقبلية جيدة علماً بأن التفاصيل الكثيرة ستقيد القيم الأساسية في اطار زمني ضيق مما قد يؤدي إلى ان تصبح فيه هذه التفاصيل موصوفة جداً وتستحوذ على كثير من العمل خلال تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع الاستراتيجية وعلى أية حال فإن أهمية الرؤية المستقبلية تكمن في تأسيس منهجية عمل واضحة.
إرشادية لا شاملة
يحتاج مفهوم الرؤية المستقبلية لمشروع الاستراتيجية أن ينظر إليه على أنه نقطة البداية لمراحل تعديل متواصلة مع تقدم مراحل العمل المتتالية وسيكون من الضروري الاستفادة من المعلومات التي تم الحصول عليها من العمل الأخير لتعديل الرؤية. ولتدعيم الارتباط مع المرحلة الثانية من مشروع المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض تم تعديل كل عنصر من عناصر الرؤية المستقبلية لتقديم أمثلة من الأهداف الرئيسية التي يمكن اشتقاقها ويقصد بهذه الأمثلة أن تكون ارشادية لا شاملة وتتيح الترابط بين مفهوم الرؤية المستقبلية كعنصر ختامي للمرحلة الأولى وتطوير الأهداف والغايات باعتبارها المهمة الافتتاحية للمرحلة الثانية.
وأخيراً: أنه من المهم أن نضمن رضا المواطنين على جميع عناصر الرؤية كي نحصل على الدعم اللازم منهم ومن ثم الوصول إلى الأهداف المنشودة.
وثيقة شاملة
يشكل تقرير الرؤية المستقبلية عنصراً مهماً من المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض والذي يهدف إلى ايجاد وثيقة شاملة تساعد في توجيه عملية التنمية الديناميكية لعاصمة المملكة العربية السعودية.
وتبعاً لذلك سوف تشكل الاستراتيجية رؤية مستقبلية لمدة 50 سنة وإطار استراتيجي لمدة 25 سنة على أن تكون الخطة التنفيذية لمدة 10 سنوات وقد تم تنفيذ المرحلة الأولى خلال الفترة من شوال 1416هـ إلى شوال 1417هـ «مارس 1996م إلى فبراير 1997م» من قبل فريق مشترك من مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وأمانة مدينة الرياض والفريق الاستشاري الذي يضم حوالي 30 أخصائياً يعملون في جميع القطاعات التخطيطية.
عملوا جميعاً بالتشاور مع الوزارات والجهات الرسمية المعنية، هذا وقد أنتجت المرحلة الأولى من مشروع الاستراتيجية عشرين تقريراً بما فيها الرؤية المستقبلية لمدينة الرياض وقد تضمنت الأقسام الأربعة الأولى من التقرير والذي يحمل عنوان «القضايا والتحديات والأفكار الرئيسية لمستقبل مدينة الرياض»، موجزاً تنفيذياً لنتائج المرحلة الاولى كما يشمل مسودة أولية عن الرؤية المستقبلية ومن ثم قام فريق العمل بمشروع المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض بتقديم نتائج المرحلة الأولى إلى مختلف الجهات الحكومية بمدينة الرياض كما أخذ فريق العمل في الاعتبار المعلومات ذات العلاقة من تلك التقديمات عند قيامه بوضع الرؤية المستقبلية للمدينة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved