دائما يخرج من ركام الظروف أسقف تحمي أرواحنا المصلوبة تحت هجير الإرهاق والتعب والملالة والسأم.. من اليأس الذي يتسلل إلى النفوس المترعة بالأسى.. أكوام من تفاؤل وحب للحياة.. وهكذا هو الإنسان دوما.. يجد أنه بلا مباهج.. وأن الحبر والأوراق وأن الأسقف والأبواب كلها مسروقة وأن روحك التي تتنفس الحياة بلا رئة.. يجد أنه وحيد محاصر تائه ضائع.. وأن الزمن متيبس وأن العصافير بلا غناء والبلابل بلا صوت والحقول بلا ثمر وأن كل شيء لا معنى ولا لون ولا طعم ولا رائحة.
هنا تفقد الحياة ألوانها وتضيع لذتها.. كل ذا إذا ما كانت عاصفة الأحزان أقوى وريح الجراح أعتى.. هنا كل الحياة كل البشر.. كل ما تحب وتهوى يستحيل إلى رماد.. إلى أكوام من تراب..
فلا شيء إلا ثقب صغيرتندس فيه روحك المثقلة مختبئا عن كل العيون وكل الهمسات والعبارات السائلة عن هذا الحزن فلا تجد إلا دمعات بللت صدر الآهات والصمت المطبق لتكون اللحظة المفاجئة والثورة المباغتة لتنهض من حزن مفروض وواقع مدمر إلى التمسك بإرادة قوية وطموح ذابل تسقيه أمطار اصرارك للبدء من جديد نحو أحلامك المؤجلة وأمانيك المبعثرة التي قتلها أحباب أو ربما اغتالها من ظننتهم أولئك الذين يوقدون الحب في أيامك... لتبدأ مسيرة جديدة نجاحها متواصل وبشائرها تنذر بروعة ما هو قادم.. كذا كل البدايات تولد من رحم الفشل.
نعم تعثرت.. نعم خطواتي بجراحي تقيدت.. ويدي بآلامي ابتلت..
نعم يبست أوراقي تقرحت أحداقي نعم انكسرت نعم تألمت نعم بكل وحشية التعامل قاسيت وروحي اعتلت نعم فجعت بتعاملات البشر.. انهزمت ومن كل ذاك تعلمت أن الفشل يخلق روحاً أخرى لنجاحات قادمة أن الحب ينزل كالمطر في أراضي لا تفرق بين الصفاء والكدر وحينها من وقت الثمر يظهر فجر ينبئ عن صباح أبيض تلونه أزهار أو يعيث فيه هشيم وجذاذ.
ومن ذاك وذا.. تنطلق قوة متفجرة ترسم الخطوط المبعثرة للفرح تواصل وللحزن نهاية وانتهاء.
فاصلة .. للحب
ذا بوح أبيض ينفض الغبار من سقطات موجعة وآلام دامية.. ذا كلمات ممطرة تتنفس من هواء الغد الذي سيأتي.. قريبا.. سيأتي.. سيأتي...
|