Sunday 21st september,2003 11315العدد الأحد 24 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بيروت.. وأين أنتِ أيتها الحالمة ؟ بيروت.. وأين أنتِ أيتها الحالمة ؟
ناهد بنت أنور التادفي

اقتضت الضرورة ان أقضي بعضاً من إجازتي في العاصمة اللبنانية «بيروت» وساقتني رحلة البحث عن دراسات عليا في مجال تخصصي إلى تلك العاصمة التي رأيناها في منتصف عقد الثمانينات من القرن الماضي ونحن في يفاعة العمر عبر شاشات التلفزة وأخبار الحروب وسفك الدماء، وكانوا يحدثوننا بأنه كانت هنا مدينة ساحرة، نعم بيروت العروس الحالمة المتوشحة بمناخ البحر الأبيض المتوسط المعتدل كانت قبل الحرب تتطهر مع إشراقة كل شمس بماء البحر وتنقي خطاياها السياسية بانفتاح رهيبٍ وسمعةٍ غاية في الجودة والانبهار، وكانت العاصمة اللبنانية متدثرة بثوب العفاف والحشمة ومنشغلة بزيادة العلم والمعرفة ودوران المطابع البيروتية التي نشرت العلم والمعرفة والصحافة في زمن صباها وحلاوتها وطعمها لذيذ المذاق، إذ نتذكر حين كانت تقول لنا الحكايات المجيدة سابقا عن بيروت الحبيبة الشهيرة بالثقافة والإبداع والفنون «بأنّ القاهرة تؤلف، وبيروت تطبع، والخرطوم تقرأ» لا بل كانت كل العواصم العربية في ذلك الوقت الاستثنائي تقرأ بشوق وبنهم ولوعة وعشق جنوبي، وقد كانت بيروت قبل أن تدخل المحرقة عبارة عن فتاة عذراء مصونة محجوبة في خدرها لم تمسها الدناءة والتفسخ والانحلال ولم تفسدها ثقافة الغرب الماجنة التي وجدت في المدينة إبان زمن الغفلة والانفلات والتفكك ومغادرة الأهل والعشيرة ورحيل الجنوب العفيف مما جعلها فرصة لنثر البكتريا والسقطات ورمادية المعرفة لتجنب لنا بيروت في هذا الزمان الأغبر مواليد من عينة سوبر ستار العرب وصويحباته من البرامج السطحية التي لا يتجاوز حدود علمها الرقص والتمايل وهز البطون والأكتاف، وتصاب بيروت التاريخية العظيمة بالعقم عن إنجاب الفلاسفة والكتَّاب ورؤساء دور النشر العتيقة والصحف الشامخة التي ملأت عواصمنا العربية بالخبرات وفنون التحرير وجودة الصياغة وإحكام المقالات.يا ويح قلبي على عاصمة لا زلتُ أرى بان فيها خيراً كثيراً وعقولاً ناضجة غاية في الذكاء والنباهة لكن يلزمها فقط التوجيه والقيادة الرشيدة، فإلى متى نستكين لهذه الغفلة والغلطة وإفرازات الحرب اللعينة وليتها تكون غفوة فارس سرعان ما يصحو ويطلق ساقيه للريح، وليت بيروت العامرة الآن توظف إمكاناتها وشبابها إلى مرحلة ما بعد النكبة والحرب والتفرق وتبني ترسانة قوية لهويتها بالفكر والثقافة وتصون تاريخها بالعفاف والطهر والنقاء.لعن الله الحرب التي تنتقل من عاصمة إلى أخرى فقد أبقت بشبحها جاثمة على ظهر بيروت رغم القوة والصمود والقرار الرجولي بإسكات فوهات البنادق لكن الأعداء لا يريدون راحة ولا دعة لعواصمنا فقرروا ان يدخلوا بغداد إلى دوامة الرصاص وعطر البارود.. فواهاً يا عرب..!.

عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
فاكس 014803452

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved