رسالة من القلب إلى كل من يمسك القلم ليسطر به كلاما يقرؤه الناس، رسالة حب وتذكير علها تجد قلبا حيا، وفؤادا نقيا ينشد الحق وينقاد له.
قال الله تعالى {مّا يّلًفٌظٍ مٌن قّوًلُ إلاَّ لّدّيًهٌ رّقٌيبِ عّتٌيدِ }
وقد اخذ الشاعر هذا المعنى واشار اليه بقوله:
وما من كاتب الا سيفنى
ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء
يسرك في القيامة ان تراه
|
ومن هذا المنطلق فان الكلمة شعرا كانت او نثرا امانة، يجب على كل عاقل ان يعرف أين يستعملها وكيف يستعملها، وقبل ذلك وبعده اهي له ام عليه.. واذا عرفنا ذلك ادركنا ان عددا كثيرا من الناس قد تاهوا وضلوا، وذلك لان الفاظهم وعباراتهم واساليبهم قد اسرتهم واستعبدهم الشيطان بها فأصبح دواوينهم وكتبهم ومقالاتهم غثاء ولغوا ستطول حسرتهم حينما يحاسبون عليه، ولن يشفع لاحدهم سمو مقصده، او نبل غايته ما دام انه خاض فيما لا يعنيه، واستعمل من الفاظ واساليب الشتم والقذف والاثارة ما لا يرضي الله سبحانه وتعالى. ان الناظر فيما يملأ صفحات الجرائد والمجلات في هذه الايام يجد العجب العجاب، فقد نصب بعض الكاتبين نفسه وصيا على خلق الله، واختار نفسه كذلك قاضيا ومفتيا، فكل من ليس على شاكلته في الفكر والسلوك والتوجه فهو ضال مضل بل عاص وكافر!! وفي نظر صاحبنا ان الحق هو ما هو عليه ونفر قليل يشاركونه التوجه والهدف، وليت المسكين يقف عند هذا الحد!! بل انه يستعدي من له سلطة من جهات رسمية او غيرها على من افتى بضلالهم ويطلب - بالحاح واصرار - ايقاع اشد العقوبات بهم، ولا ادري لو تحقق له ولو بعض ما اراد ماذا يستفيد، واذا اوذي الناس بسبب وشايته وظلمه لهم كم سينال من الشرف وكم سيجني من المال والمكانة الرفيعة بين الناس! وهل كل ذلك او بعضه سينفعه عند الله يوم يفر المرء من اخيه، وامه وابيه وصاحبته وبنيه و ذلك موقف لن ينفعه فيه جاه اكتسبه ولا منصب ناله ولا قرب من فلان او علان!!
اخي صاحب القلم ما اجمل ان نجمع بين جودة المظهر والمخبر، وحسن اللفظ والمعنى، وصحة الوزن وسمو الفكرة، لان ذلك يفتح لنا الصدور والقلوب، وينزل اقوالنا المنزلة التي نريدها من نفوس الناس، ولكن ذلك يرجع - في الغالب - الى الموهبة والفطرة، ويهذبه ادمان القراءة والكتابة، والاستفادة من تجارب الآخرين، ويكون ذلك تحت رقابة التقوى ومراقبة الله في السر والعلن. ويجب ان نعلم يقينا اننا لا نحاسب الا على ما نستطيعه ونقدر عليه ولا نحاسب كذلك الا على ما نتعمده مع معرفتنا بخطره وضرره، اننا محاسبون امام فاطر السموات والارض على كل لفظ جلبنا به ضررا على عبد من عباد الله وبخاصة الصالحين، وستطول حسرتنا بمقدار اصرارنا على اتباع الشيطان في التحريش والاثارة واستعداء بعض الناس على بعض.
اسأل الله الكريم ان يجعل ما نكتبه شاهدا لنا لا علينا، وان يجعلنا هداة مهتدين مفاتيح للخير مغاليق للشر انه سبحانه هو الموفق والمعين.
عبدالعزيز بن صالح العسكر
|