* تحليل - خالد الفريان:
كانت الجزيرة نشرت تحليلاً «متشائماً» حول سوق الأسهم للباحث في مجال الاستثمار الزميل خالد الفريان تضمنت تأكيداً للباحث بأن هناك هزة قريبة ستتعرض لها أسعار أسهم عدد من الشركات وان «القشة» التي ستقصم ظهر السوق آتية قريباً.. ومع بداية الاسبوع التالي لنشر التحقيق حدث ما توقعه الكاتب.. وشهد يوم الاثنين الماضي انخفاضاً تاريخياً في المؤشر حيث خسر 292 نقطة تمثل 6% من قيمة الأسهم ونزلت أسعار 38 شركة بنسبة 10% وهي أقصى نسبة يسمح بها نظام تداول الأسهم نزولاً وارتفاعاً.
وننشر اليوم تحليلاً للزميل خالد الفريان حول أسباب تلك الهزة وكيفية المحافظة على أموال المساهمين من التعرض لمثل هذه الانخفاضات الحادة.
اعتقد ان تلك الهزة في اسعار الاسهم، وانخفاضها السريع لم يكن مفاجئاً، ولا يثير الاستغراب، بل ان ما كان يثير الاستغراب هو استمرار الاسعار في الارتفاع طوال الاشهر الماضية دون محطات توقف تذكر.
صحيح ان هناك عوامل ايجابية عديدة كانت تدعم الاسعار وقد اشرنا لها في التحليل السابق وقد ركز عليها كثير من المحللين وكثير من المستفيدين! خلال الفترة الماضية إلا انه في حقيقة الامر فإن تلك العوامل لا تبرر الارتفاعات العالية جداً في القيمة السوقية مقارنة بالقيمة العادلة لاسعار اغلب الشركات المدرجة في السوق، مع الاشارة الى صعوبة تحديد القيمة العادلة لسعر سهم شركة ما إلا انه من خلال القيمة الدفترية للسهم ومختلف المؤشرات المالية الاخرى للشركة والاداء الحالي لإدارتها والظروف المستقبلية التي من المتوقع ان تؤثر على اداء الشركة سلباً او ايجابياً اضافة الى الظروف السياسية والاقتصادية المؤثرة على السوق بشكل عام ، من خلال ذلك فإنه يمكن تحديد نطاق سعري معقول ليتحرك خلاله سعر السهم وذلك وفقا لرغبات وتوجهات المتعاملين في السوق.
فإذا ما تجاوز السعر هذا النظام فإنه يصبح سعراً غير عادل، وقد حدث في سوق الأسهم السعودية خلال الفترة الماضية تجاوز اسعار اسهم معظم الشركات للنطاق السعري الذي تستحق.
وقد كانت هناك قناعة - وقد تكون داخلية لدى كثير من المتعاملين ان الاسعار تجاوزت الحدود المعقولة.
وفي ظل هذا المناخ، فإن السوق كانت مهيأة للنزول لأي سبب مهما كان هامشياً.
بل انها مهيأة للانخفاض حتى دون وجود عوامل موضوعية تؤثر سلباً على السوق والحقيقة ان الاسبوع الماضي لم يشهد عوامل سلبية «حقيقية» لانخفاض الأسعار..
بناء عليه فقد يكون السبب الحقيقي للهزة هو رغبة مجموعة من كبار المضاربين اعادة مستويات الأسعار الى حدود معقولة حتى يتمكنوا من العودة الى الشراء بقلوب أكثر اطمئناناً على مستقبل السوق وهذا السلوك هو سلوك منطقي وكان متوقعاً وهو ما جعلنا نجزم في التحليل السابق للهزة باسبوع الى ان موعد الهزة اصبح قريباً.
وقد اشرنا حينها الى ان الانخفاض سيأخذ واحداً من مسارين، إما مسار حاد يجعل السوق تنهار وذلك اذا ما تزامن انسحاب المضاربين مع حدوث عوامل سياسية او اقتصادية سلبية «وهذا ما لم يحدث»، وإما ان الأسعار ستنخفض بصورة تدريجية في حالة استمرار العوامل الاقتصادية والسياسية الايجابية وهذا هو الذي حدث.
* يمكن رصد الملاحظات التالية على حركة السوق خلال الاسبوع الماضي:
- القطاع البنكي هو القطاع الوحيد الذي هبطت اسعار جميع اسهمه خلال الاسبوع، وهذه الملاحظة قد تدعم الرأي الذي يضع من أسباب النزول انتقال إدارة البنك السعودي الأمريكي من سيتي بنك الى إدارة المحاسبة.
- رغم النزول الهام للسوق إلا انه لم يحدث نزول حاد او مستمر لأي شركة، وكان اكبر انخفاض خلال الاسبوع هو 10% فقط، بينما كان أكبر ارتفاع هو بنسبة 60%!، حيث كان اكثر الأسهم تضرراً هو سهم الاحساء للتنمية وهبط خلال الاسبوع بنسبة 10%، بينما حقق سهم شركة انابيب ارتفاعات مستمرة من 66 ريالا الى 106 ريالات بنسبة ارتفاع وصلت الى 60%.
* وصل سعر سهم الاتصالات يوم الاثنين الى 385 ريالا كحد أدنى، بعد ان كان في اليوم السابق ارتفع الى 424 ريالا.
وذلك على الرغم من وجود قناعة لدى المتعاملين بأنه يستحق سعراً أعلى من سعره الحالي.
وكان التقرير الذي نشرته «الاقتصادية» لأحد المراكز الاستشارية قدر السعر السوقي المناسب للسهم بنحو 417 ريالا، وكان السبب في انخفاض سهم الاتصالات، كما ادى ضمن أسباب أخرى الى انخفاض الاسهم بشكل عام!
والمفارقة ان سهم الاتصالات لم ينخفض في يوم نشر التقرير ولا في اليوم التالي وانخفض في اليوم الثالث وكأن المتعاملين كانوا ينتظرون توضيحا للتقرير من شركة الاتصالات. من جهة أخرى ولما لم يصدر التوضيح حصل الانخفاض الحاد في سهم الاتصالات.
على الرغم من هبوط المؤشر 42 نقطة نهاية الاسبوع مقارنة ببدايته، الى ان المؤشر لا يزال عاليا جدا مقارنة بالاسهم الماضية اذ بلغ في نهاية الاسبوع 371 ،4 نقطة بينما كان قبل ثلاثة اشهر621 ،3 نقطة وخلال هذه الاشهر الثلاثة ارتفع المؤشر بنسبة 7 ،20% وارتفعت اسعار عدة شركات بنحو 100%.
انظر الجدول ومنه نلاحظ ان شركات اللجين والتعمير ومبرد والمواشي وصدف والانابيب لا تزال ضعف سعرها قبل ثلاثة أشهر!
بينما لا يوجد اي سهم سعره الحالي اقل من سعره قبل ثلاثة اشهر باستثناء سهم شركة «صافولا» الذي انخفض بنسبة 21% نزولا من 421 ريالاً الى 331 ريالا.
حدثت مفارقة في حركة الأسعار خلال الاسبوع حيث انخفض المؤشر يوم الاثنين وارتفع يوم الثلاثاء وانخفض يوم الاربعاء ثم ارتفع يوم الخميس، واعتقد ان هذا مؤشر ايجابي يعكس متانة السوق وقدرته على استعادة عافيته بسرعة.
كيف نحمي السوق من التقلبات الحادة؟
اعتقد ان حماية السوق هي مسؤولية مشتركة بين كبار المتعاملين والجهات الرقابية كما ان من الصعب على أي جهة رقابية في أي سوق مالية في العالم حماية السوق من الازمات او التقلبات، إلا ان هناك مجموعة من الإجراءات «يجب دراستها بعمق وشمولية» يمكن ان تؤدي الى الحد من المضاربة في السوق؟ كما يمكن ان تحد من التقلبات الحادة في الأسعار، ومن تلك الإجراءات حفظ النسبة المسموح بها لصعود سعر السهم او نزوله من 10% كما هو متبع حالياً الى 5% مثلا ومنها فرض رسوم يدفعها المستثمر عند بيع كمية كبيرة من الأسهم خلال فترة معينة وبحيث ترتفع النسبة كلما ارتفعت كمية الأسهم المباعة على ان تقوم هيئة السوق المالية بالاستفادة من تلك الرسوم من خلال شراء كمية من الأسهم في الشركات التي تتعرض اسهمها للهبوط المفاجئ نتيجة للمضاربة في السوق.
ثم ان الصناديق الاستثمارية التابعة للبنوك يفترض ان تكون ذات دور فاعل في ضبط ايقاع السوق وذلك إما من خلال مبادرات ذاتية منها بحيث لا تندفع في البيع او الشراء في المراحل التي تشهد تذبذباً حاداً في السوق او من خلال وضع الجهات الرقابية بعض الضوابط لعمل تلك الصناديق حتى لا يكون سلوكها شبيهاً بسلوك المضاربين الذين يفكرون في جني الارباح على المدى القصير دون اكتراث بمصلحة السوق على المدى الطويل.
حتى لا نكون أكثر المستثمرين حماقة!
يقال ان أكثر المستثمرين في سوق الأسهم حماقة هو الذي يشتري السهم وهو في أعلى المنحى السعري، ولكن المشكلة ان المتعامل في السوق لا يدري متى يصل المنحى الى قمته.
إلا انه يمكن للمتعامل حين يفكر في الشراء في شركة ما ان يجري مقارنة «سريعة» بالاسعار السابقة فإذا ما كان السعر الحالي أعلى بكثير من متوسط الاسعار في الفترات الماضية فإنه يجب ان يتأكد من السبب الحقيقي للارتفاع فإذا كان بسبب تحسن المؤشرات الحالية للشركة او ان هناك «معلومات» موثقة حول وجود عوامل معينة سوف تحسن من اداء الشركة وستدعم مركزها المالي فإن حصل على تلك المعلومات يصبح قرار الشراء قراراً راشداً.
أما حين يكون الارتفاع بسبب اشاعات غير دقيقة يتم تداولها في غرف تداول الأسهم، او حين يكون الارتفاع هو نتيجة لتوجهات بعض المضاربين دون وجود عوامل موضوعية تدعم السهم فإن صغار المتعاملين الذين يقبلون على الشراء فإنهم معرضون لان يكونوا من فئة أكثر المستثمرين حماقة!
ومن وجهة نظري ان معظم الأسهم التي ارتفعت في الفترة الماضية بنسب عالية «انظر الجدول» سوف تتعرض في الفترة القادمة لنزول حاد في اسعارها وذلك باستثناء الشركات التي ارتفعت أسعار اسهمها نتيجة لتحسن ادائها.
وانا اعتقد ان اغلب الشركات التي ارتفعت مؤخراً بنسب عالية لم يتحسن اداؤها بما يكفي لهذا الارتفاع الكبير في أسعارها، ولكنه جاء استجابة لبعض الاشاعات او لموجة الارتفاعات التي شهدتها كافة قطاعات السوق.
|