حاصرته الأمراض من كل الجهات..
ظل يحاربها وهو في خندق الإيمان..
تزداد وطأة المرض عليه ويزداد بسالة وإيماناً..
في زيارتي الأخيرة له في المستشفى وجدته ولم أجده..
وجدته روحاً ولم أجده جسداً..
لم أسمع من صوته إلا أنيناً صامتاً..
يتردد صداه في أذني..
نهشت الأمراض جسده الناحل وحولته إلى حطام..
تعامل مع المرض «بالجملة» ولم يتعامل معه «بالمفرد»..
لا تسمع منه شكوى ولا يريد أن يتشكى..
قرأت في عينيه «سمفونية» الألم..
إغماضتها الحزينة تعزف لحن الحمد والشكر للمولى سبحانه..
نهض متثاقلاً كي يرتاح قليلاً..
حاول أن يرسم ابتسامة اعتذار..
اقتلعها من حقول الآلام..
ولكنها ماتت في مهدها..
نهضت مع الشيخ توقيراً له..
قبلتهُ على جبينه.. ولكن..
لم يدر بخلدي أن تلك القبلة سوف تكون قبلة الوداع الأخيرة..
طار إلى الخارج جسداً بلا روح..
حلَّقت معه القلوب..
ارتفعت الكفوف للسماء..
حشرجت الحناجر بالدعاء..
لكنه القضاء..
قبل سنوات قليلة ذهبت إليه معزياً في أصغر أبنائه..
يعتصره الألم بفقد فلذة كبده.. ويقف كالطود..
بكل هيبة ووقار..
يغالب دمعةً تصارع للخروج من عينيه..
لا يريد أن ينهار..
كتلة من الإحساس.. نهر من المشاعر..
رجلٌ ولا كل الرجال..
قل أن يأتي بمثله الزمان..
ذلك هو الشيخ سعد بن عبدالعزيز الشثري..
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته..
وأجزل الله الأجر والثواب لشقيقه معالي الشيخ ناصر وإلى اخوته الكرام:
عبدالله ومحمد وإبراهيم وسعود وصالح وعمر وعبدالرحمن وعبدالعزيز..
أحاسيس مهداة إلى معالي الشيخ ناصر: