الشمس تصب أشعتها الحارقة على البسيطة صبا، وأنا أحث الخطى قاصدا تلك البيوت الطينية القديمة التي تتراءى أمامي، يسوقني الفضول وحب الاستطلاع، وتشدني نفسي لأنفض غبار التاريخ وأبحث في ركامه وأطلاله..
عن الشعر وأهل الشعر..
عن أحاديث الشجاعة والفروسية..
عن القصص والحكايا المنسية..
اقتربت.. الباب أمامي.. باب صغير ضيق.. سيدخلني التاريخ.. سيعود بي إلى الماضي الجميل.. الماضي البسيط الذي لا تكلف فيه ولا تصنع.. وقفت عنده.. شعرت بالحزن يضمني ضمة تكاد تصرم منها ضلوعي..
دخلت التاريخ.. من أضيق أبوابه.. فإذا به مجرد غرف صغيرة، كان يسكنها أناس، رحلت أجسادهم وبقيت آثارهم وذكراهم، تزاحمت الأسئلة في مخيلتي والدموع في عيني..
أين «أبناء البرّاق»؟!
أين أهل «المارج»؟!
أين جدي وجدتي؟!
أين أهلي وقرابتي؟!
أين الذين كانت مجالسهم تفوح بريح الهيل وتعج بنقع حوافر الخيل؟!
أين هم سكانك يا أيتها البيوت؟!
أين ذهبوا؟!
ماذا حل بهم؟!
أأكلتهم السنون.. أم هم أكلوها؟!
رددت الجدران- المتصدعة- أسئلتي ولكن ما من اجابة..
مادت نفسي بأفكارها، وضاقت بي الأرض على اتساعها، فتركت- وبكل حسرة وألم- التاريخ خلفي وعدت- وفي النفس حشرجة- أدراجي ململماً ما علق بذاكرتي عن هذا المكان وذلك الزمان.
* وتكتب أيضاً أضاخ أو أوضاخ، موضع أثري وتاريخي قديم وشهير في عالية نجد، به حالياً هجرة للبراريق من قبيلة عتيبة.
|