مثلما كان متوقعاً، أشهرت الولايات المتحدة الأمريكية «سيف الفيتو» فقطعت الطريق أمام الأسرة الدولية لمنع إسرائيل من تنفيذ جريمة جديدة في سلسلة جرائمها المتواصلة التي تمر دون عقاب في ظل الحماية الأمريكية لبلطجتها وإجرامها اللا حدود له.
ومشروع القرار العربي الذي عرض على مجلس الأمن الدولي لا يحمل عقوبات، وكان إقراره مجرد التزام أدبي من مجلس الأمن الدولي لإجبار الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتنفيذ القرارات والمواثيق الدولية، وعدم الخروج على الشرعية إلى الانفلات وممارسة أساليب وسياسات الغابة، فالقرار العربي يطالب إسرائيل القوة المحتلة بالتخلي عن أي عمل لإبعاد رئيس السلطة الفلسطينية المنتخب بطريقة ديمقراطية ووقف أي تهديد لأمنه.
وحتى يكون القرار مقبولاً ومرضياً لأمريكا وحلفائها، يشمل القرار نصاً يؤكد على دعم مجلس الأمن الدولي الكامل لمبادرات اللجنة الرباعية ويطالب بتكثيف الجهود لضمان تطبيق خارطة الطريق من قبل الطرفين.
وهكذا فإن نص القرار وحسب رؤية العديد من المتابعين لأعمال مجلس الأمن الدولي، اعتبر من أكثر القرارات التي عرضت على المجلس توازناً.. ولكن رأي الخبراء والمحللين السياسيين شيء، وما تريده أمريكا شيء آخر، فواشنطن تريد استثمار القرار وتوظيفه لمحاربة الحركات الفلسطينية الفدائية الناشطة في الأرض المحتلة، ولتقيد السلطة الفلسطينية الوطنية بقيد يتجاوز حتى ما يطلب من إسرائيل، وبالتالي تريد أن تحوِّل القرار إلى إدانة الفلسطينيين وذبح المقاومة الفلسطينية بأيدي العرب، باعتبار أن القرار مقدم من دولتين عربيتين «سوريا والسودان».. فواشنطن تريد أن يتضمن القرار إشارة واضحة بتصفية حركتي حماس والجهاد وكتائب الأقصى، وأن يتضمن إدانة لفشل السلطة الفلسطينية في تفكيك ما تسميه واشنطن ببني الإرهاب في فلسطين.
مساومة تظهر الانحياز الفاضح لأمريكا لإسرائيل الذي لا يساوي بين الضحية والجلاد بل يجعل من الضحية هي الجهة المدانة.. وهذا ديدن الدبلوماسية في الأمم المتحدة، فواشنطن استعملت «الفيتو» لحماية إسرائيل أكثر مما استعملته لحماية مصالحها، ولكن الشيء غير المعروف هو تخلي كل من بريطانيا وألمانيا وبلغاريا عن واجباتهما الدولية والهروب والاختباء خلف أسلوب «الامتناع عن التصويت الذي أيدته إحدى عشرة دولة عارضت البلطجة الإسرائيلية والتحيز الأمريكي.
|