نشرت صحيفة «الجزيرة» في عددها الصادر يوم السبت 16/7/1424هـ، وجاء فيه على لسان وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح آل الشيخ: «الحملة الشرعية الوطنية لمحاربة الغلو والانحراف لن يكون المشترك فيه طلبة العلم فقط، بل سيكون لكل من يريد الاشتراك فيه من الآباء والأطباء واساتذة الجامعات والمعلمين، وحتى في منتديات الصغار، وفي المدارس، وللنساء في جميع المجالات، ونرجو إن شاء الله ان ينتهي وضعه بتفاصيله قريباً».
هذا ما قاله وزير الشؤون الإسلامية مما شكل لديَّ بعض الأسئلة التي أجزم يقيناً أنها ليست خاصة بي بل تأتي في ذهن الكثير من أبناء الوطن الذين يتابعون هذا الموضوع وتداعياته بقلق بالغ، ويفكرون في العلاج، وهذا هو المتوقع من كل مواطن.
أما الأسئلة التي دارت في ذهني ثم انتقلت الى هذه الأسطر فهي:
- تعودنا ان نشاهد الحملات الوطنية في أمر يستطيع كل مواطن ان يقدم فيه شيئاً محسوساً ملموساً مفيداً، لكن في مثل هذا الموضوع المعروف أن فئة كبيرة من المواطنين المطلوب منهم فقط افساح المجال للمختصين لدراسة هذا الموضوع، ومن ثم معالجته بالطرق المناسبة، وأقصد بالمختصين هنا «الجهات الأمنية وقياداتها، ورجالات الفكر العلم الشرعي» وتقوم وسائل الإعلام بدورها في نقل كل ما لدى هاتين الفئتين.
- هل من المناسب إشراك الصغار ومن لا يلمُّ ببعض التفاصيل الأساسية في الشريعة الدخول في مثل هذه الموضوعات، المعروف ان المطلوب للصغار هو التأسيس بالأصول المهمة من الدين لهم وأما أن تأتي الى طفل في مراحل مبكرة من العمر فهو لا يعلم إلا الخطوط العريضة من الدين.
في اعتقادي ان إشراك بعض فئات المجتمع في مثل هذه الموضوعات هو بحد ذاته سينعكس سلباً إذ إن مشاركات البعض ستكون ابتزازية بل لست مبالغاً اذا قلت ان بعض المشاركات قد تولد الغلو، وليس بعيداً عن ذهني ما ينشره تلفزيوننا العزيز في بعض برامجه الحوارية مع المشاهدين من حوارات في الشوارع والطرقات مع بعضهم عن الارهاب فتجد اجابات مخجلة وكلاماً لا يليق من شباب ومراهقين في قضية أقلقت مضاجع الوطن، فما معنى ان يقابل المذيع شاباً يلبس ملابس رياضية وتجد انه في هيئته بأحدث التقليعات الغربية في شعره، ثم يأتي ويتحدث عن ظاهرة الارهاب.
هل هذا المشهد حينما يشاهده من لديه ادنى تعاطف او تأثر مع الارهابيين سيعرف خطورة الارهاب ام سيكون هذا المظهر مزعجاً له؟
أدع الجواب للقارئ الكريم!!
ولعلي لا أبعد كثيراً فأطرح سؤالا: هل ستكون من فعاليات هذه الحملة مشاهد تمثيلية وأفلام سينمائية على وزن ما قدمه الفنان المصري عادل إمام في فيلميه الشهيرين الارهابي وطيور الظلام؟.
وهل سيكون من ضمن أنشطة الحملة التنبيه إلى خطورة الارهاب من خلال قمصان اللاعبين في مباريات كرة القدم في ملاعبنا الرياضية.
انا اعرف ان الجواب سيكون لا، ومن أجل هذا أقول ان الرد على الارهاب ليس بإشغال الجميع بل هو وفق أسس تتناسب والمجتمع وطبيعته.
نحن لسنا بحاجة الى حملة وطنية يا معالي الوزير، بل نحن بحاجة الى استراتيجية وطنية تدرس هذا الفكر وتناقشه بل وتحاوره.
نحن في أرضنا الغالية المملكة العربية السعودية تضررنا كثيراً من الارهاب، ومن اجل ذلك يجب ألا يكون وقوفنا في وجه الارهاب عاطفياً او ردة فعل بل يجب ان يكون علمياً مدروساً من خلال النصوص العظيمة من القرآن الكريم والسنة المطهرة.
وكل هذا لا يكون إلا بوقفة قوية تقوم بها أركان هذا المجتمع الكبير وعلى رأسهم ولاة الأمر الذين تشهد لهم كل دقيقة بالتعامل مع هذا الأمر بحكمة وروية وتعقل، وكلنا نلمس ونشاهد الدور الكبير الذي يقوم به أهل العلم في مناقشة هذا الفكر المنحرف وما البيانات الصادرة عن هيئة كبار العلماء إلا خير شاهد على ذلك، مع الثناء في الوقت نفسه على الجهود المشكورة التي تصدر عن المختصين من الوسط الأكاديمي والإعلامي فكل ذلك بإذن الله خطوات مهمة من اجل الإصلاح الكبير الذي ننشده جميعاً
|