تحضرني حادثة طريفة جرت فصولها ذات ليلة من ليالي شهر آب اللهاب، التي انقطع فيها التيار الكهربائي ليضج المكان وتختلط أصوات الرجال بالنساء مرفقة بصراخ وبكاء الأطفال.. فيهرع الجميع من غرف الفندق بحثاً عن البهو الذي انفرد بالإضاءة من مصدر احتياط تحسباً لأزمة عابرة كتلك التي حدثت.
هناك اتخذت مكاناً قصياً أتابع مجريات الأحداث عن بعد!! أتولى عملية «المراقبة» لسلوكيات الآخرين في حدود «المسموح به» وان كنت تناسيت مقوله «من راقب الناس مات هماً».
.. كل شيء لم يكن لافتاً نظري باستثناء تلك المفردة الجميلة التي أطلقتها زوجة «حديثة العهد» تعيش مع زوجها ما يسمى ب «شهر العسل».. «اللهم اجعل حياتنا والجميع دائماً عسل»، حيث قالت بصوت مسموع وبطريقة استفهامية أين أنت يا غازي؟
وليتها قال: واغازياه !!
.. تحولت المشاعر من سخط إلى ضحك قبل ان يأتي الرد سريعاً من زوجها ... وبعد «تبين» الوزير القصيبي هنا !! تذكري جيداً انك الآن في جزيرة لانكاوي بماليزيا !!
بعد ساعتين قريباً عادت الكهرباء إلى «قواعدها سالمة». في تلك الفترة كانت معظم مدن العالم تشهد موجة انقطاعات كهربائية .. ليست جازان وحدها بالطبع !!
.. ما ان عدت للرياض حتى علمت بتفاصيل قضية القضايا واطلعت على ذلك «الملف» الكامل الذي لم يدع صغيرة ولا كبيرة الا وقد رصدها حتى أصبح بوزن حقيبة مدرسية نشاهدها على ظهر طفل لا يتجاوز عمره العاشرة !!
.. بحثت في مضمون القضية الكهربائية فماذا اكتشفت؟
.. أجدها ممثلة في حضور العاطفة وغياب العقل. هكذا نحن دائماً نرفع شعاراً كروياً «معاهم .. معاهم .. عليهم.. عليهم».
.. لنتذكر جيدا ان مثالية الأداء أمر مستبعد.. ومن لا يعمل هو من لا يخطئ!!
وبالقدر الذي نقدم أي سلبية و«نضخمها» ونمارس «النفخ» فيها ليل نهار .. علينا السير باتجاه الإنصاف حتى وان لم نتمكن من الوصول لمحطة النهاية ..
.. وبالأمس القريب التقيت مدير دائرة المعلومات والإحصاء بالشركة السعودية للكهرباء .. ووجهت له سؤالاً استفزازياً.. ماذا تعمل الشركة ؟
وكان جوابه كالصاعقة .. هذه لغة الأرقام تتحدث ثم علق بما شئت !!
.. خلال ثلاث سنوات وشهرين «عمر الشركة» قامت بإنتاج قدرة توليد مقدارها «5485» ميجاوات ليرتفع الإجمالي إلى «26849». وعلى مستوى المشتركين الجدد الذين تم إيصال خدمة التيار الكهربائي لهم وصل العدد إلى «645358» ويبلغ الآن عددهم على مستوى المملكة «4134814».
... وأخيراً فان الشركة تمكنت من إضاءة «2201» قرية وهجرة جديدة لتضاف إلى «7810» سابقة في عهد شركات الكهرباء الموحدة قبل الاندماج.. قلت له ان كان هناك تعليق من جانبي فلن أقول سوى «اذكروا محاسن شركتكم». وسامحونا !!
|