في هذا العالم الذي يطلق فيه المتفائلون آمالاً طموحة وأماني مبشرة باندماج العالم في قرية كونية يسودها العدل والسلام.. تشاكس قيادات سياسية لا يربطها بالسياسة سوى رئاستها للأحزاب والحكومات، وارتباطها السلوكي والاخلاقي اقرب للعصابات التي تتقن القتل وحبك المؤامرات.
في هذا العالم الذي تتسيده أمريكا بكل جبروت القوة العسكرية والهيمنة الاقتصادية والنفوذ السياسي يسرح ويمرح السفاحون والقَتَلة ومدمرو الحضارة، فيما يحاصر أصحاب الحق والمطالبون برفع الظلم عن اولادهم وأسرهم وشعبهم.
في هذا العالم الذي نسعى وكل الخيِّرين إلى أن يكون قرية كونية يلفها السلام والاستقرار، تتواجد مجموعة من الأشرار والقَتَلة، وهؤلاء بدلاً من أن يتكاتف الجميع على تقديمهم للعدالة لتجنيب البشرية الأخطار التي يثيرها وجودهم، نرى قوى دولية معينة توفر لهم الحماية، بل أكثر من ذلك تمدهم بكل عناصر القوة والدعم لجعلهم أكثر شراً وأكثر قدرة على إيذاء ضحاياهم.
أرئيل شارون نموذج لهؤلاء الاشرار، ففي الوقت الذي أدانته المحاكم في «بلاده» وأثبتت لجان التحقيق مسؤوليته عن واحدة من أكبر جرائم الإبادة البشرية لدوره الرئيس كمخطط ومنفذ لمجزرة صبرا وشاتيلا التي تحل ذكراها هذه الأيام، تتصدى زعيمة العالم الحر والمدافعة عن حقوق الإنسان لكل المحاولات التي قامت بها الجهات العدلية والقضائية في العالم، فبعد ضغوط قوية ضد بلجيكا لتلغي محاكمة هذا المجرم البشري وتوقف كل التحقيقات التي لا يمكن أن تخرج نتائجها عن النتائج التي توصلت إليها لجان التحقيق والمحاكم في الكيان الاسرائيلي التي ادانته ادانة واضحة لا لبس فيها، وبدلاً من أن يُقَدَم شارون الى محكمة الجزاء الدولية كمجرم حرب تطلق عليه الأوصاف والنعوت كصانع ورجل للسلام.. في تجسيد صارخ للتناقض الذي يعيشه عالم اليوم في ظل الغطرسة والهيمنة الامريكية التي تحمي جلادي الشعوب وتضطهد المدافعين عن أبنائهم وأسرهم وشعوبهم.
|