Wednesday 17th september,2003 11311العدد الاربعاء 20 ,رجب 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وعلامات وعلامات
القراءة للجميع - مرة أخرى!
عبدالفتاح أبو مدين

في مطلع ذي القعدة، عام «1417هـ»، زار معالي وزير المعارف الدكتور محمد أحمد الرشيد،
من خلال جولاته على المحافظات، وهو يتفقد حال الدراسة والمدارس، وقد توقف ركبه في مدينة القنفذة، واجتمع حوله رجال التعليم في تلك المحافظة،وألقيت كلمات وقصائد الترحيب بالدكتور الرشيد وصحبه، وحين سمعت بزيارة الوزير، زورت في نفسي كلمات أزعم أن فيها صدقاً وشيئاً عن مصارحة لحالنا التعليمية اليوم، وحين ألقيت كلمتي، ضاق بها محافظ القنفذة والدكتور عبدالعزيز الثنيان وكيل وزارة المعارف يومئذ، وقال لي على مائدة المحافظ الأستاذ عبدالله نور، وكان في ركب الوزير:« لماذا هذا التشاؤم».. وأشهد أن الدكتور الرشيد لم يغضب، ولم يضق بما قلت، وإنما رحب بصدر سمح، وأقرني على كثير مما قلت، وقال مازحاً:« أريد فك الاشتباك بينك وبين الدكتور الثنيان لاسيما وأنتما تلتقيان في الإعجاب بالمتنبي»!.
* الذي يؤكد أن مسيرتنا التعليمية اليوم لم تكن على النحو الذي نريد، وأن جدوى التعليم الرسمي ضئيل جداً، هذه حقيقة.! ومرد ذلك الكثافة الطلابية من الجنسين، التي برزت خلال سنوات محدودة، حتى وصل عدد الطلاب والطالبات اليوم في جميع المراحل التعليمية، نحو خمسة ملايين، وهذا العدد الكبير يمثل نحو «ثلث» تعداد السعوديين اليوم، ولم يكن في الحسبان، ولا في خطط التنمية الراصدة، هذه الطفرة غير المحسوبة من زخم العدد الكبير جداً، وأدى ذلك إلى أن يصبح النجاح في المدارس والجامعات - جزافياً -، أشبه بسلق البيض، لكي يتاح للمدارس والجامعات. استقبال طلاب جدد يبلغ تعدادهم عشرات الألوف المقبلين على الدراسة، وأن يتخرَّج في المدارس والجامعات شبه أميين، لا يحسنون كتابة سطر يلم باللغة العربية قواعد وإملاء، وهذا الناتج المخيف خسارة، وأعباء على الوطن، لأن المدارس لا تكفي، والجامعات لا تكفي.. وأرباب المال المكدس من المواطنين، لم يتحرك أحد منهم، لأداء ضريبة المواطنة، مما أفاء الله عليهم، من أموال وفيرة - كسبوها، تحت مظلة وأمن واستقرار الوطن الغالي، وذلك بإنشاء مدارس وجامعات لبلد، يحمي المال، ولا يتقاضى منه إلا الزكاة الشرعية، وكل مواطن يريد من الدولة أن تعمل كل شيء بلا دعم من القطاع الخاص، وخاصة البنوك، لذلك قلت في أسابيع ماضية، ان الدولة ينبغي أن تفرض على أرباح البنوك وشركات الاتصالات ونحوها ضرائب لا تقل عن «25%» من تلك الأرباح، تسد بها العجز في التعليم والصحة، وليس من سبيل آخر لحل الأزمة الخانقة، وأجدد القول الى انني لست متشائماً، لكن الحال الحاضرة التي نعيشها في المجال التعليمي تنذر بالخطر والخوف العاجل والآجل.. ولن تجدي اليوم ارباع وانصاف الحلول، لأنا أمام مستقبل مخيف، وكما قال الشاعر القديم:« لا يعرف الشوق إلا من يكابده.»..!
* ولا أخفي أنني زرت قسماً في إحدى جامعاتنا في العام الماضي، وتحاورت مع نحو ستين طالباً على - أبواب التخرّج - وخرجت من عندهم حزيناً، ولو سئلت تقويم النماذج التي رأيت وحادثت، لما استطعت أن أتجاوز بهم المرحلة - الإعدادية - ، فكيف بهم معلمين لأجيال وهم مفلسون!؟ وكيف بهم موظفين وعاملين، وهم شبه أميين!؟
* وقرأت لطالب، كتب في إحدى صحفنا، وكان يدرس في إحدى الكليات في المنطقة الشرقية، فقال: تخرّجت من الكلية كما دخلتها.. أي أنه لم يستفد شيئاً، فكيف به معلماً أو موظفاً، وما هي النتائج المأمولة!؟ ونحن في وقت نشدد فيه على السعودة، لتحل محل المستقدم، ولم نهيئ المواطن كما ينبغي ليصبح قادراً على أن يشغل ما ينهض به المستقدم..! إنها معادلة صعبة، بل مختلة..!
* أترك الجواب لمن هو أقدر مني على ذلك، وأنا حين أقول إنني أشعر برعب من مستقبل مسيرتنا التعليمية، فإني غير مبالغ وغير متجن، ذلك أني أغار على وطني وأهلي، والحياة كل يوم تزداد تعقيداً وصعوبات، ولا يمكن أن يفوز فيها إلا الناجحون المتميزون الطلعة، وأزعم أنهم نسبة ضئيلة جداً، اذا قيست بالملايين الخمسة، الذين يتلقون تعليمهم في مراحل التعليم العام والجامعات، والله المستعان!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved