يشهد العالم في السنوات الأخيرة تقدماً علمياً مذهلاً في جميع أفرع العلوم، خاصةً في مجالي الحاسبات الآلية والتقنيات الحيوية. والمملكة العربية السعودية في ظل خادم الحرمين الشريفين يتجاوب صدى مجهودها العظيم مع هذا التطور الهائل. لذلك فقد عنيت حكومتنا الرشيدة بالاهتمام بأوجه التقدم العلمي في مختلف المجالات حتى تساير ركب الحضارة العالمي. ونظراً للاهتمام الخاص الذي توليه الحكومة لمجال الإنتاج الزراعي؛ فقد عملت على تشجيع كل ما يمكن أن يحسن ويزيد من هذا الإنتاج.
والنخيل يعتبر علماً من المعالم المميزة للمملكة العربية السعودية، ورمزاً للسخاء والصمود، كما أنه من الناحية الاقتصادية يعتبر من أهم مصادر الإنتاج الزراعي سواء في الاستهلاك المحلي أو في التصدير الزراعي، علماً بأنه في الآونة الأخيرة ازداد سوق الطلب على أصناف التمور السعودية المتميزة؛ مما أدى إلى حتمية زيادة الاهتمام بهذه الشجرة المباركة. ولذلك فقد تم التوسع في المساحة المخصصة لزراعة النخيل، كما بدأ الاهتمام بزيادة انتشار العديد من الأصناف المرغوبة، بل وازداد أيضاً الاهتمام بالتوسع في زراعة فسائل النخيل النسيجي الذي ينتج من تقنية مزارع الأنسجة. كل ذلك أدى إلى ظهور العديد من المشاكل، سواءً بالنسبة لظهور بعض الظواهر الضارة، مثل ظاهرة الشيص على سبيل المثال، أو من ناحية أخرى صعوبة التعرف على الصنف المطلوب أو المرغوب وهو في مرحلة الفسيلة مما قد يؤدي إلى الغش التجاري.
من هنا بدأت تظهر أهمية مجال التقنية الحيوية في التغلب على مثل هذه المشاكل. ويمكن تبسيط تعريف معنى التقنية الحيوية بأنه العلم الذي يتناول استخدام وتطبيق أحدث العلوم والمكتشفات والنظريات العلمية الحديثة في مجال الوراثة وعلوم الحياة في تحسين الكائن الحي سواءً كان نباتاً أو حيواناً. وباستخدام التقنية الحيوية أمكن تحديد العوامل الوراثية المسببة لعديد من الأمراض في النباتات والحيوانات وكذلك أيضاً يمكن التغلب علي المشاكل التي ذكرت آنفاً الخاصة بنخيل التمر عن طريق استخدام هذه التقنيات الحديثة. لذلك فقد قام قسم إنتاج النبات ووقايته في كلية الزراعة والطب البيطري جامعة الملك سعود فرع القصيم بعمل دراسات مستفيضة استخدم فيها مجال التقنية الحيوية حيث أمكن عمل التحليلات اللازمة باستخدام جهاز ال PCR في تحليل المادة الوراثية أو ما يسمى بالحامض النووي في التعرف على عدة أصناف من نخيل التمر؛ من أهمها البرحي والسكري، حيث يمكن التعرف على الصنف وهو في مراحله المبكرة من النمو. كما أنه يقوم حالياً الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الواصل والفريق البحثي د. ناصر خليفة و د. فهد القرني و د. محمد مطاوع بمشروع بحثي بعنوان "دراسة شذوذ الأزهار وعدم عقد الثمار في نخيل التمر" لمحاولة التغلب على هذه المشكلات وذلك بتحديد السبب الوراثي للمشكلة ثم محاولة إيجاد أنسب الحلول لها.
(*) كلية الزراعة والطب البيطري- جامعة الملك سعود- فرع القصيم
|